لو لم تنشر صور مراسل mtv حسين خريس على مواقع التواصل الاجتماعي وتظهر على نحو جلي تعرّضه لاعتداء، لما علم أحد بما حصل معه يوم السبت حين تعرّض لهجوم على يد معتصمين غاضبين في ضاحية بيروت الجنوبية. سرى التكتم على نحو واضح على الحادثة، وعزز ذلك صمت mtv إزاء ما حصل مع مراسلها.
بدا ذلك واضحاً في رسالته خلال النشرة الصباحية أمس، عندما لخّص أحداث الاحتجاجات في الشارع من دون أي إشارة منه أو من المحطة إلى ما حصل معه.
«الأخبار» اتصلت بخريس الذي نفى بداية تعرّضه للهجوم قبل أن يضيف بأنّه «لا يريد الكلام عن الموضوع» وفضّل عدم التصريح للإعلام عما حدث معه أول من أمس. لكن مصادر كانت في مكان الحدث روت كيفية حصول الاعتداء. ولفتت إلى أنّ خريس كان يغطي قطع الطرقات في الضاحية الجنوبية احتجاجاً على قتل الجندي اللبناني عباس مدلج. وقبل الاعتداء عليه، كان «مزنراً» بعناصر حزبيين لحمايته، وهو يدلي برسالته على الهواء. من خلال مشاهدة شريط التغطية، وقف المراسل يعطي المعلومات وسط الجموع الغاضبة التي بادرت الى الهتاف غوغائياً بعبارات مذهبية محرّضة وطفت بالتالي الى الشاشة على نحو واضح.
خلاصة الحادثة تتمثل كما صرّحت المصادر بذهاب خريس وفريق العمل الى منطقة أخرى في الضاحية الجنوبية، بعدما كان بالقرب من كنيسة مار مخايل في رسالته الأخيرة. وهناك بادر الى الاعتراض على ما تفوه به غاضبون في الشارع من عبارات مذهبية تحريضية، فما كان من مجموعة منهم إلا أن طوقته وأوقعته أرضاً وسحبته الى مدخل أحد المباني وتعدّت عليه. وهذا ما بدا من خلال الصور المنشورة حيث ظهر خريس مدمى القدمين ومتسخ الثياب.
بالتأكيد، هذه الحادثة دقت مجدداً ناقوس الخطر حول مصير الصحافيين وضرورة حمايتهم في أرض النزاع أو بقع التوتر. هل بات مراسل أي محطة يحتاج لوفد عسكري أمني لحمايته مع فريق العمل؟ هكذا بات الاعتداء عادياً وسهلاً ولا سيما في هذه الفترة المتوترة التي يعيشها لبنان. الاعتداء على خريس لم تفصله سوى بضعة أسابيع عن اعتداء آخر تعرّض له الصحافي في «العربي الجديد» عبد الرحمن عرابي على يد رجال الأمن في «دار الفتوى» أثناء تغطيته انتخابات مفتٍ جديد هناك.
وطبعاً، سبقت هذه الحوادث خطوط حمراء رسمت للصحافيين تبدأ في تقسيم المناطق سياسياً وطائفياً لدخول أو تحريم دخول الصحافيين اليها ومعها ضرورة تورية لوغو المحطة أو تكليف صحافيين غير معروفين أداء مهمتهم الميدانية لضمان سلامتهم، ولا تنتهي بسلسلة الاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون/ات خلال السنوات القليلة الماضية التي نال فريق «الجديد» حصة الأسد فيها. ولعلّ آخرها الاعتداء على مراسلة المحطة رونا حلبي والمصور سمير أسمر في قصقص العام الماضي.