هو عرض واحد فقط ينتظر المشاهدين على خشبة «مسرح الجميزة». الليلة، يقدم المخرج والممثل جو قديح عرضاً يضمّ مجموعة مشاهد من عروضه الـ «ستاند آب» السابقة، بالإضافة الى مشهد واحد من عرضه المقبل الذي ينكب حالياً على كتابته تحت عنوان Daddy. كل ذلك قبل أن ينتقل بعد شهر الى باريس لتقديم العرض نفسه The Joe Kodeih Show على خشبة «بيت ثقافات العالم» في الثالث من شهر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل.
لا يحبّ الفنان الابتعاد كثيراً عن الخشبة. لذا خلال فترة التحضير لعمله Daddy، حرص على تقديم مجموعة توليفات من مشاهد سابقة له كممثل وكاتب ومخرج. لكن هل كان جو يمثل حقيقةً حين قدم لجمهوره مونولوجاته الخمسة «حياة الجغل صعبة»، و«أنا»، و«فيلم سينما»، و«لو جوكون»، و«الأشرفية»؟
خمسة أعمال دأب فيها الكاتب على رصد «سلوكيات مجتمعية» لأوساطٍٍ جاورها وعايش جزءاً كبيراً منها، من قصص الـ «فاليه باركينغ» الذي أصبح «عرقاً جديداً فرّخ بلبنان»، الى مقارنة محبوكة بين «جغل الجميزة» و«جغل البارومتر» و«الجغل المستجد» في احالة على الفوارق السياسية والاجتماعية بين مثقف شارع الحمرا «اليساري»، وابن الأشرفية «الكوسموبوليتي» الفرنكوفوني، والجغل الحديث البرجوازي الذي غالباً ما يتخذ ركناً له في شارع فردان. لا يسهب قديح كثيراً في تلك المقارنة، فالهدف ليس المقارنة بحد ذاتها. يبدو لنا المشهد المذكور كما لو أنّ الكاتب يراقب من بعيد لمتعة المراقبة والاستمتاع باللحظة فقط لا غير، قبل أن ينتقل الى تفصيل جديد: تكثر المشاهد التي يستنبطها من حياته الشخصية، وطفولته، وأيام المراهقة والرعونة، ولحظات الأبوة. لذا يبدو لمشاهد بعض تمارين عرض The Joe Kodeih Show أنه أمام جلسة حميمة بين أصدقاء جو الذين يتنافسون فيما بينهم لإطلاق مواقف طريفة واستحضار مشاهد تتسمّ بالتقاط التفاصيل الصغيرة المضحكة التي لا تخلو من التلميح الى نقد اجتماعي في آونة واحدة.

خمسة أعمال
دأب فيها على
رصد «سلوكيات مجتمعية»


ونحن ننتقل من مشهد الى آخر خلال جلسة التمارين السابقة للعرض، يبدو لنا أنّ جو لا يبذل جهداً كبيراً في تمثيل الأشياء، ربما لأن التفاصيل النافرة تفقد رونقها عندما نسهب في التشديد عليها، وربما أيضاً لأنّ جو لم يسع خلال نصوص مونولوجاته الخمسة تلك إلى التحدّث خارج أناه. الرجل لا يركّب شخصية أو شخصيات. عليه أن يكون هو على الخشبة، يسرد تفاصيل من ذاكرته أجاد ربط بعضها ببعض وانتقل منها في كل مرة الى تفصيل جديد: من اللبناني «المتفرنس» والحياة في باريس (لو جوكون)، الى تغيير معالم بيروت المعمارية الهندسية والديموغرافية (الأشرفية) مروراً بطفولة جو وصداقاته (أنا) وصولاً الى تفاصيل الصالات السينمائية الشهيرة التي شهدها وسط البلد (فيلم سينما) فعلاقته بابنته المولودة حديثاً جولي (دادي ــ راجع الكادر).
سوف يكون المشاهد اليوم على موعد مع مواقف كثيرة يسردها له جو قديح، وعلى الأرجح أنها سوف تضحكه... لربما يعرف المشاهد كل تلك المواقف، أكان جاورها في الحياة أم على الخشبة. رغم ذلك، سوف يواظب على الضحك، اذ يبدو أنّ هناك نوعاً من علاج ينبعث من الضحك على مواقف ولو كانت متكررة. كما لو أنها تلك الطاقة التي نجدها في قول نكتة يزيد استمتاعنا بها كلما كررناها وكلما أجدنا سرد أو سماع تفاصيلها. جو قديح لا يمثّل. جو قديح يود بكل بساطة أن يضحك مع ذاته... ومع الآخرين.

* The Joe Kodeih Show: 20:30 مساء اليوم ـــ «مسرح الجميزة»، بيروت ـ للاستعلام: 76/409109



أبو جولي

لا يخفي جو قديح أن ابنته التي لم تبلغ بعد عامها الأول، سوف تشاركه الظهور في عرضه المقبل الذي سوف يتسنى لمشاهد The Joe Kodeih Show الليلة أن يحظى بمشهد واحد منه فقط. في عرض Daddy، سوف يتطرق جو قديح الى تلك العلاقة التي تجمع أماً بابنتها وقد شبّهها بكونها «انصهارية إلى درجة يجد الرجل نفسه خارج المعادلة رغم أنه مسببها الأصلي، ورغم أن رابطاً من نوع آخر ينشأ بين أب وابنته».