القاهرة ــ «الأخبار»لماذا يلتقي بالإعلاميين من دون مناسبة؟ سؤال يعود إلى الواجهة في كلّ مرّة يجتمع فيها عبد الفتاح السيسي بأهل الصحافة. للمرّة الثانية خلال شهرين، استقبل الرئيس المصري أمس رؤساء تحرير الصحف المحلية، وقيادات «المجلس الأعلى للصحافة»، متطرقاً إلى أمور عدّة بينها أزمة الكهرباء المستشرية في البلاد منذ فترة ليست قصيرة. هنا، لا بد من التذكير بأنّ اللقاء الذي جاء مفاجئاً كالعادة يأتي بعد جلسة سابقة جمعته بمجموعة من الإعلاميين المصريين في 9 آب (أغسطس) الحالي (12/8/2014).

رغم تشابه كل هذه الاجتماعات في الكثير من الجوانب، إلّا أنّ الأخير لم ينته قبل تسجيل سابقة هي الأولى من نوعها. إذ أعطى السيسي لنفسه الحق في محاسبة وسائل الإعلام. مؤسسات ليست مصرية فحسب، بل تشمل أسماءً عربية، كاشفاً أنّ هناك تحالفاً بين أطراف ودول مختلفة يسعى الآن إلى «بث الفوضى في الأمة العربية، وزعزعة الدولة المصرية، وتدمير الشعب المصري قبل تحقيق أهدافه وطموحاته». وأكد أنّ «قطر، وتركيا، والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين يؤسسون حالياً شركات وصحفاً ومواقع إلكترونية عدّة، ورصدوا مئات ملايين الدولارات لتحقيق الهدف المذكور».
وذهب السيسي إلى تسمية الأشياء بأسمائها، مشيراً إلى أنّ بين هذه الكيانات التي بدأت تظهر لهذا الهدف، شركة «ميديا لميتد» التي «تتخفى خلف شعار تشجيع الفن العربي»، مضيفاً أنّها «رصدت مبالغ كبيرة للسيطرة على المبدعين العرب». وأتى السيسي أيضاً على ذكر جريدة «العربي الجديد» الإلكترونية، وفضائية «مصر الآن» التي تستعد للانطلاق قريباً، إضافة إلى موقع Culture الإلكتروني. وحرص على التنبيه من أنّ هذا الواقع «يستدعي الانتباه إلى هذه المؤامرة التي تستهدف الأمة العربية لتحقيق أهداف سياسية ضد مستقبل العرب وتماسكهم». هكذا، نصّب الرئيس المصري نفسه حاكماً على المؤسسات الإعلامية، بعدما رأينا كيف ضاق الإعلام المصري بمنتقدي السيسي وحكومته، فضلاً عن تخلّي الإعلام المصري عن دوره في الكثير من المحطات، أبرزها الحرب الإسرائيلية المستمرة على غزّة. ويبدو أنّ الرئيس تناسى أنّ هذه المهمّة ليست من شأنه، بغض النظر عن خلفية وأداء ومصادر تمويل الجهات التي أتى على ذكرها. كذلك إنّ ما فعله يعيدنا إلى «المكارثية» الرجعية التي ظهرت في الولايات المتحدة الأميركية في بداية الخمسينيات لمحاصرة الشيوعيين.