يستعيد المخرج الفرنسي كريستوف غانز في فيلمه «الجميلة والوحش» الحكاية الخرافية التي تناولتها العديد من الأفلام على مر العقود أشهرها «الجميلة والوحش» الذي أخرجه جان كوكتو عام 1946. النسخة التي يقدمها غانز أقرب للتقليدية في بنيتها الروائية بخاصة في رسم شخصية «بيل» التي تؤدي دورها ليا سيدو (الصورة)، فيقدمها كما في الحكاية الأصلية: هي الأجمل بين أختيها والمحبة والمطيعة لأبيها في حين أن أختيها الشريرتين تغاران منها وتحيكان لها المكائد، ما يتناقض مثلاً مع بيل المتمردة والثائرة التي رأيناها في فيلم ديزني عام 1991.
يبقى المخرج وفياً للحكاية الأصلية في الأحداث الرئيسة، فيخسر أب بيل ثروته وينتقل للعيش مع بناته في الريف، إلى أن يعثر ذات ليلة على قصر الوحش الذي يستضيفه ويقدم له الهدايا. لكن الأب يقطف وردة لبيل قبل رحيله، فيطلب الوحش حياته ثمناً لهذه الوردة. ثم يسمح له بالرحيل شرط أن يعود مجدداً، لكن بيل تضحي بنفسها وتذهب إلى الوحش بدلاً من أبيها.

تعجز ليا سيدو
عن إضفاء الحياة على شخصية بيل



الاختلاف الوحيد الذي يحدثه المخرج هو في قصة الوحش. بحسب الشريط، قتل الوحش جنية الغابة، ليتضح أنها زوجته (إيفون كاترفيلد) متنكرة في هيئة غزال، فعاقبه والدها ملك الغابة بتحويله إلى وحش. هذه القصة الجانبية تضيف على الفيلم بعداً آخر أكثر ابتكاراً، غير أنّ المخرج لا يتعمّق في أبعادها ورمزيتها. مع ذلك، تبدو حكاية الوحش وزوجته هي قصة الحب الأساسية في الفيلم الذي يصوّرها بشغف وأكثر أهمية من العلاقة بين الوحش وبيل التي هي فعلياً غير موجودة. لا يصور الفيلم تطور العلاقة بين الاثنين وتحولها من الكره إلى الحب، بل لا نرى إلا جانب الكره منها الذي تشعر به بيل تجاه الوحش إلى أن تحبه في النهاية من دون تطور درامي يبرر هذا التحول. يبدو تفاعل بيل مع قصة الحب بين الأمير وزوجته الجنية التي تراها في أحلامها، حقيقياً أكثر من تفاعلها مع الوحش نفسه (فانسان كاسل) كأنها تغرم بفكرة الحب نفسه. لا يبدو أداء ليا سيدو مقنعاً، فتعجز عن إضفاء الحياة على شخصية بيل التي تبدو غالباً كتمثال جامد، ما يتناقض مع أداء كاسل في دور الوحش المفعم بالشغف. حتى أن حضور إيفون كاترفيلد في دور الأميرة ـ رغم المشاهد القليلة التي تظهر فيها ـ يطغى على أداء ليا سيدو ويظل مهيمناً طوال الفيلم. في أسلوبه السينمائي، يمزج المخرج بين الواقعي والمتخيل، وينجح عبر المؤثرات الخاصة في خلق عالم القصر السحري للوحش الذي تحكمه الطبيعة رغم ميله إلى المبالغة عبر المخلوقات العملاقة المثيرة للرعب التي يستعرضها. يعود ذلك ربما إلى تمرسه في أفلام الرعب والأكشن كما فيلمه الشهير «قسم الذئاب» (2001 ). يبدو أنّ كل تلك الإضافات التي أحدثها لا تتناسب مع ميله للتقليدية في السرد في مقاطع أخرى، ما يشبه التناقض بين بناء شخصية الوحش وشخصية بيل كأنّ كلاً منهما آت من رواية مختلفة.




«الجميلة والوحش»» «غراند سينما»، «أمبير»، «بلانيت».