تَحُـلُّ الذكرى السنويةُ الأولى لاستشهادِ الصحافيةِ الفلسطينيةِ شيرين أبو عاقلة (مواليد القدس 3 نيسان/ أبريل 1971 ــــ اغتيلت في جنين في 11 أيار/ مايو 2022) برصاصِ قنص الاحتلالِ الإسرائيلي المُتعمَّدِ، مع إصرارٍ على المُطالبةِ بمُعاقبةِ الجناةِ من مُخطّطين ومُنفّذين. وفاءً للشهيدة، وتخليداً لذكراها، ولمنعِ تضليلِ الحقيقةِ، أصدرَ الإعلاميّ هيثم سليم زعيتر كتاباً بعنوانِ «شيرين أبو عاقلة... الشاهدة والشهيدة» (دار النهار للنشرِ). قدَّم للكتابِ عضو اللجنةِ التنفيذيةِ لـ«مُنظّمةِ التحريرِ الفلسطينيةِ» رئيسُ «اللجنةِ الرئاسيةِ العليا لمُتابعةِ شؤونِ الكنائسِ في فلسطين» رمزي خوري، الذي أكَّـدَ أنَّ «الشهيدةَ شيرين تحوَّلتْ بدمائِها الزكيةِ إلى أيقونةٍ للحقِّ والحقيقةِ، وتحوَّلتْ مراسمُ تشييعِ جثمانِها الطاهرِ إلى عرسٍ وطنيٍّ، برغمِ ما قامَ به الاحتلالُ مِن انتهاكٍ واعتداءٍ وحشيٍّ على جثمانِها، وعلى المُشيّعين لهذا الجثمانِ الذي أَبى إلا أنْ يُرسلَ رسالتَه الأخيرةَ للعالمِ عن طبيعةِ ودمويةِ هذا الاحتلال، فيما أكدتْ هيبةُ جنازتِها على رسالةٍ أخرى، وهي أنَّ القدسَ فلسطينيةٌ وستبقى كذلك إلى الأبد».شدَّدَ خوري على أنَّ «شيرين ستبقى الشاهدةَ والشهيدةَ، حيَّةً وحاضرةً في وجدانِ الشعبِ الفلسطينيّ والعربيّ، وفي وجدانِ الكثيرِ من شعوبِ العالمِ والمُدافعين عن الحقيقةِ والرافضين للظلمِ والقهرِ والاحتلالِ». وستبقى «أيقونةَ فلسطين» و«أميرةَ الصحافيين الفلسطينيين».
وقالَ مُديرُ «دار النهار للنشرِ»، القاضي زياد شبيب: «ليس سهلاً أنْ تكونَ هذه الشاهِدَةُ للحقِ، حتى الشهادة، مسيحيةً مقدسيّةً، في زمنٍ تجري فيه مُحاولاتٌ حثيثةٌ ترمي إلى تحويلِ القضيةِ الفلسطينيةِ إلى قضيةِ صراعٍ أو تنافسٍ دينيّ بين الإسلامِ واليهوديةِ، أي عملياً تشويه حقيقةِ هذه القضيةِ وتحويلها منْ قضيةِ وطنٍ مسلوبٍ وشعبٍ مظلومٍ يتعرَّضُ للإبادةِ العنصريةِ المُستمرّةِ، إلى قضيةِ صراعٍ دينيّ بين اليهودِ والمُسلمين».
وأكَّد شبيب أنّه «برغمِ ذلك، لم ينقصِ الإيمانُ بالقضيةِ الوطنيةِ العادلةِ في قلوبِ وعقولِ اللبنانيين والعربِ وأصحابِ الأرضِ مِن الفلسطينيين المسيحيين والمُسلمين الوطنيين، برغمِ إدراكِ كثيرين منهم أنَّ تحويلَ القضيةِ إلى صراعٍ دينيّ يُفقِدُها المُرتكزَ والأساسَ، ويجعلُها وجهةَ نظرٍ بالنسبةِ إلى الرأيّ العام العالميّ، وما على المُراقِبِ إلّا أنْ يُلاحظَ مُنحدرَ التأييدِ العالميّ للقضيةِ الفلسطينيةِ على مدى العقودِ ويُقارنَه مع مسارِ تبدُّلِ الأعلامِ المرفوعةِ باسم فلسطين».
يُوثِّق الإعلاميّ زعيتر في هذا الكتابِ، الذي يقعُ في تسعةِ أبوابٍ، بفصولٍ مُتعدّدةٍ، لمسيرةِ الصحافيةِ شيرين وعملِها الإعلاميّ، ودورِها عبرَ شاشةِ قناةِ «الجزيرة»، ما أدّى إلى المُساهمةِ في توضيحِ حقيقةِ الروايةِ الفلسطينيةِ في مُواجهةِ زيفِ ادّعاءاتِ الاحتلالِ، الذي اتّخذ قراراً سياسياً باغتيالِ شيرين، نُفِّـذَ بأوامرَ عسكريةٍ، وبقنصٍ مُتعمّدٍ لدى تغطيتِها اقتحاماتِ المُحتلِ في مُخيّم جنين، صباحَ يومِ الأربعاء في 11 أيار (مايو) 2022.
ويستعرضُ المُؤلِّفُ مُحاولاتِ التضليلِ الإسرائيليةِ لارتكابِ الجريمةِ، والتهرُّبَ من تسليمِ ما يُدينُه، والاعتداءَ على الجنازةِ والمُشيّعين وهو دليلٌ يُؤكدُ تعمُّد الاغتيال.
يستعرضُ المُؤلِّفُ أيضاً المواقفَ الفلسطينيةَ والعربيةَ والدوليةَ الشاجبةَ لجريمةِ الاغتيالِ ومحطاتِ التكريمِ للشهيدةِ شيرين، التي أُطلقَ اسمُها على مواليدَ جُدُدٍ، وعلى ساحاتٍ وميادينَ ومعالمَ، وجوائزَ، فأضحتْ صاحبةُ الابتسامةِ الدائمةِ، قدوةً إعلاميةً يسيرُ على خُطاها كثيرون.
وقالَ زعيتر: «هذا الكتابُ هو أقلُ الواجبِ، لمَنْ لمْ يبخلْ بدمائِه من أجلِ وطنِه، وعدالةِ قضيّتِه، وليس إلا جهداً بسيطاً ليكونَ مدماكاً لكلِّ مَنْ يستطيعُ تناولَ الجريمةِ، بما فيها من عبرٍ ومآثرَ، في إطارِ مشروعٍ تكامليٍّ بأيّ وسيلةٍ، لأنَّ المعركةَ ضد المُحتلِّ، مُتنوّعةُ الأساليبِ والسُبُلِ والوسائلِ، وفي طليعةِ ذلك المجالُ الإعلاميّ».
وأكَّـدَ زعيتر أنَّه «منْ بابِ الوفاءِ لشهيدةٍ لمْ تبخلْ بالغالي والنفيسِ مِن أجلِ قضيةِ شَعبِها، وعمَّدتْه بالدمِ الأحمرِ القانيّ، واستحقَّت ما يليقُ بها مِن الألقابِ: أيقونةُ الإعلامِ الفلسطينيّ، نجمةُ القدسِ، عميدةُ المُحاربين العرب، شهيدةُ الحقيقةِ، شهيدةُ الفجرِ، شهيدةُ الميدانِ وشهيدةُ الكلمةِ الحرّةِ، لذلك كان كتابِي: «شيرين أبو عاقلة... الشاهدةُ والشهيدةُ».