الدهشة هي السمة الدائمة لأيّ حديث قد نجريه مع سمر سامي. النجمة الاستثنائية التي غادرت المدرسة إلى غير رجعة بعد أول صفعة تلقّتها من المعلّمة، لتنصرف إلى تعليم نفسها بنفسها، وصلت إلى قضاء غالبية وقتها في قراءة أيقونات الأدب العالمي والعربي. ملكوتها الوحيد هو بيتها في مدينة جرمانا (جنوب دمشق)، ومنفذها إلى العالم هو الكتاب فقط.
هناك تسكن بطريقة غريبة تبدو أقرب إلى البدائية في وسائل الحياة، لكنها أكثر متعة من أيّ رفاهية ممكنة. لا تفارق يدها سيجارة «الحمراء» الطويلة وكأس المتة على مدار الساعة، بينما تغزو الدموع عينيها بعد كل تأمّل وشرود طويل. ذات مرة، روت حادثة تركت أثرها البالغ في طفولتها. في صباح أحد الأعياد، كانت سمر تتمشى مع صديقتها صفيّة في حي الخالدية الحمصي، وكان عليهما عبور شارع عند مدخل حمص «كنت ما زلت أشعر بحرارة يدها عندما غابت. لا أدري كيف أفلتت يدها من يدي. بحثت عنها، فوجدت الشريطة الصفراء وخصلة من شعرها. شاحنة مسرعة أخذت معها صفية». لم تكن الممثلة تتخيّل يومها أو بعد سنوات طويلة، بأن المئات من أطفال «عاصمة الفكاهة السورية» سيموتون تحت ركام المدينة المنكوبة بطريقة أفظع من موت صديقتها. على هذه الحال، تحوّل منزلها المحاط بكل أنواع الورود التي ترويها يومياً، لما يشبه مخيم النازحين، بعدما لجأ إليه من بقي حيّاً من أهلها وأقاربها. لكن جرمانا التي تفصل الغوطة الشرقية عن الغوطة الغربية، كانت على مدار السنتين الماضيتين مسرحاً لقذائف الهاون التي أصابت إحداها منزل نجمة «تخت شرقي» (تأليف يم مشهدي وإخراج رشا شربتجي)، واقتصرت الخسائر على الماديات. في حديث مع «الأخبار»، تحكي الممثلة عن سبب غيابها عن موسم 2014: «عُرض عليّ أكثر من عمل، لكني فضّلت البطالة على تجسيد أدوار فيها. على سبيل المثال، بعثت إحدى الشركات نصّ مسلسل شامي عرض في رمضان، والحقيقة كان في الورق أتفه ما قرأت في حياتي!». وتلفت سامي إلى أنها رفضت الدور الذي عُرض عليها في مسلسل «رقّ الحبيب» لعبد المجيد حيدر ورشا شربتجي الذي يُفترض عرضه في الموسم المقبل لأن شركة «سما الفن» (سورية الدولية) رفضت طلبها بأن يُوضع في بداية العمل الزمن الحقيقي الذي تجرى فيه القصة أيّ عام 2010 قبل اندلاع الأزمة.
إذاً مرّ موسم رمضان 2014 من دون أن تظهر نجمة «زمن العار» (تأليف نجيب نصير وحسن سامي يوسف وإخراج رشا شربتجي) ولو بلقطة واحدة. لكن سرعان ما اختارها المخرج زهير قنوع لتلعب دور بطولة إلى جانب عباس النوري وديمة قندلفت في مسلسل من كتابته هو «شهر زمان». رغم أنّ «المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي» (منتجة العمل) عجزت عن دفع أجر يوازي أجزاء بسيطة من موهبة سامي، إلا أنّ العمل سيكون بمثابة عودة النجمة إلى الساحة الفنية. وعن المشروع، تقول: «ميزته أنّه واقعي ويستمد قصته من الألم الذي نعيشه يومياً، ويتكئ بفرضيته على شهر من عمر شخصيات القصة، وهو شهر ربما يُعادل دهراً مما تعده الشعوب الآمنة في أوطانها». في «شهر زمان»، تلعب سمر سامي دور أمّ تهجر منزلها من الريف المدمّر، وتلجأ إلى قلب العاصمة لتعيش في بيت أحد أبنائها، وتتعرّض خلال الشهر لأحداث تلخّص يوميات السوريين من خطف واعتقال!