تتزامن هذه التحية مع صدور المجموعة الشعرية الكاملة للحاج. هي في الوقت عينه مناسبة للاستماع إلى بعض من أعماله المحبّبة على قلوب المؤدّين، إلى جانب كونها انطلاقة لهذه المجموعة. تحت عنوان «قولوا هذا موعدي»، يقدّم الشاعر عبده وازن أمسية شعرية بالعربية والفرنسية وموسيقى تجتمع فيها ابنة الراحل ندى الحاج التي كانت خلف الفكرة، مع أسماء أخرى ضليعة في اللغة العربية والتمثيل معاً أمثال رفعت طربية، وجوليا قصار، وعلي مطر، إضافة الى المغنية المسرحية رانيا الحاج والموسيقي فرَد نصر، بإخراج مسرحي للينا أبيض على خشبة «مسرح ليلى تركي» في المكتبة الشرقية في الجامعة اليسوعية.في حديث معنا، تشير المخرجة لينا أبيض إلى أن صاحب فكرة الأمسية ليس شخصاً واحداً: «هناك أولاً صدور الأعمال الكاملة لأنسي الحاج وتحية له. وكانت الأمسية فكرة مشتركة بين ندى الحاج وأليس مغبغب. ودعاني عبدو واكد لإخراجها». طبع أنسي الحاج عالم الشعر بست مجموعات هي: «لن» و«الرأس المقطوع» و«ماضي الأيام الآتية» و«ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة» و«الرسولة بشعرها الطويلة حتى الينابيع» و«الوليمة». كانت للترجمة مكانة مهمة في عمله، وقد نقل بأسلوبه إلى العربية الكثير من المسرحيات لشكسبير ويونيسكو ودورنمات وكامو وبريشت وغيرهم، كما تُرجمت أعماله إلى لغات عدة منها الفرنسية. من هنا اختيار بعض النصوص الفرنسية التي ستُتلى خلال الأمسية. في هذا الصدد، تقرّ أبيض: «لم أكن مطّلعة بدءاً على برنامج الأمسية. وضعته ندى الحاج، علماً أن أنسي تُرجم إلى الكثير من اللغات والحاضرون في السهرة يتقنون الفرنسية. لذا فكّرنا بهذه اللغة. كما اقترح رفعت طربيه قصيدة أو قصيدتين يحبهما شخصياً، واقترحنا أن تكون هناك لفتة لأنطوان كرباج وهو من الأشخاص الذين قرأوا لأنسي الحاج. كما ستكون بالمناسبة تحية أيضاً إلى لور غريّب التي غادرتنا قبل أيام. أما الموسيقى فستكون مباشرة. ضمن الأسماء المشاركة في الأمسية موسيقي هو فريد نصر ومغنية هي رانيا غصن الحاج ستؤدي غناءً شعراً لأنسي الحاج كما فعلت من قبلها ماجدة الرومي. هناك أيضاً بعض القطع الموسيقية الجديدة التي استوحاها نصر من الشعر الذي سمعه».
ليس غريباً على جوليا قصار ورفعت طربيه المشاركة في أمسية مماثلة، خصوصاً أنّ للاثنين مساهمة سابقة في ألبوم شعري «يكتب ويقرأ» يضمّ قصائد للشاعر أصدرته قبل سنوات مؤسسة أنسي الحاج مع موزار شاهين. في نظر أبيض، من أجل اختيار المؤدّين المناسبين لهذه الأمسية: «أنت في حاجة إلى أشخاص يمتهنون التمثيل ويتقنون اللغة العربية. رفعت طربيه وجوليا قصار لا يحتاجان إلى تعريف. ندى أنسي الحاج تملك طريقة أداء جميلة جداً وخاصة بها، وعلي مطر شاعر وله علاقة لافتة باللغة وبأنسي الحاج. أردنا أشخاصاً يتقنون اللغة العربية والشعر، وفي الوقت عينه يرغبون في أن يكونوا موجودين في سهرة مخصّصة لأنسي الحاج. اجتمعنا لعدد من الليالي وأنجزنا تمارين لنحو أربع ساعات، شعرنا خلالها بأنه لقاء أصدقاء يلتقون للتحدث عن شخص ويستخدمون نصوصه. كان شيئاً رائعاً ومميزاً. أشعر بأنني محظوظة. ونصوص أنسي الحاج كانت اكتشافاً رائعاً بالنسبة إليه».
الأمسية فكرة مشتركة بين ندى الحاج وأليس مغبغب


لعنوان الأمسية «قولوا هذا موعدي» Dites que c’est mon heure دلالة معينة خصوصاً أنّ الجملة مستخرجة من إحدى قصائد أنسي الحاج «ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت الوردة». فهو بحسب أبيض: «رغبة فعلية بأن يكون هذا موعداً ولقاء مع أنسي الحاج. طلبت من الممثلين أن يرتدوا ملابس جميلة جداً وكأنها حفلة أو وليمة كلام ومشاعر وجمال. نحن بحاجة إلى هذا النوع من اللقاءات، خصوصاً في بلد ذاكرته تضمحلّ بهذا الشكل وناسه يرحلون وهو يتغيّر بسرعة كبيرة ويتشوّه. من المهم جداً أن تكون لنا لقاءات مع الذاكرة والجمال واللغة العربية».

* «قولوا هذا موعدي»: س: 19:00 مساء اليوم، «مسرح ليلى تركي»، (جامعة القدّيس يوسف).