ربما يمكن القول بأنَّ عنوان المسلسل بحد ذاته، لم يعد مثيراً للاهتمام كما كان فيلم «نزوة» (1996، إخراج علي بدرخان، وبطولة أحمد زكي ويسرا)؛ فالخيانة الزوجية لم تكن مطروقةً إلى هذا الحد كما هي عليه اليوم، فضلاً عن أنَّ التعبير لم يكن معروفاً يومها. تقديم قصص النزوات والخيانات والعلاقات الجانبية داخل الزواج، أصبح أكثر من معتاد في الدراما العربية خلال الأعوام الماضية، لا بل صار ممجوجاً حتى. يأتي «النزوة» (تأليف محمد الحاج وإخراج أمير رمسيس) نسخة معرّبة مقتبسةً عن الحلقة 101 من مسلسل The Affair الأميركي الذي قدمته شبكة «شوتايم» وأنتجته «باراماونت» ويروي في كل حلقتين من حلقاته قصةً «نزوة» مختلفة. يحكي المسلسل حكاية علاقة حب خارج إطار الزواج تجمع بين الكاتب والجامعي عمر شاهين (خالد النبوي) والنادلة في مطعم أسماك هالة (عائشة بن أحمد) في منطقة الغردقة البحرية السياحية. إنه زوجٌ منهك من زواجه من مها (سالي شاهين) التي يحبها، لكنّ أهلها الأثرياء ينهكونه بإشارتهم الدائمة إلى أنّهم أثرياء سمحوا لابنتهم بالزواج من شخصٍ أفقر منها. يصر الكاتب المعروف والد سالي صلاح (رمزي العدل) على إجبار عمر على كتابة رواية، فيقرر تحت الضغط أن يكتب رواية عن جريمة قتلٍ في الغردقة، ويطلب من هالة التي أعجبته منذ أن وطئ أرض الغردقة، مساعدته في تعريفه على المنطقة كي يراها ويستكشفها أكثر. من جهتها، تعاني هالة منذ وفاة ولدها الوحيد رغم أنها تحب زوجها سيف (عمر الشناوي) الذي يمتلك قارباً للصيد ومركزاً لتعليم السباحة وسواهما. تبدأ العلاقة بالتطوّر، لكن منذ الحلقات الأولى نلاحظ أن البطلين يجلسان إلى طاولة تحقيق في جريمة قتل، فهل هذا جزءٌ من الرواية؟ أم أن هناك جريمةً تحصل فعلاً. للمسلسل ميزاتٌ عدّة تجعله متفوقاً، أولها طريقة تقديم القصّة بحد ذاتها، وهي رواية الحكاية عبر البطلين، كلٌ له روايته الخاصة، وحكايته الشخصية. فهالة تروي الرواية كما رأتها، فيما يروي عمر حكايته على طريقته الخاصة.
أدائياً، كان اختيار المخرج رمسيس للممثلين موفقاً، إذ إنّ هناك كيمياء شديدة بين بطليه التونسية عائشة بن أحمد والمصري خالد النبوي. النبوي واحد من نجوم مصر القلائل الذي يمتلكون هذا القدر من الموهبة والنجومية في آنٍ، وميزته أنه يؤدي بسهولة بالغة كما لو أنه لا يمثل. بدورها، تعطي عائشة بن أحمد الكثير بعيداً عن شكلها الجميل، فتؤدي بشكلٍ سلس وبسيط. بقية الممثلين أدوا أدوارهم بشكلٍ جيد كما رمزي العدل بدور الكاتب الشهير، والأب المتسلّط صاحب المال والسلطة، فيما كان أداء سالي شاهين جيداً لناحية الزوجة العادية/ المعتادة التي لا تؤذي زوجها، وتهتم بأسرتها وأولادها.
كيمياء شديدة بين بطليه التونسية عائشة بن أحمد والمصري خالد النبوي

وفي حين أنَّ النص بحسب ما يرويه «الزوج» يصورها بأنها «سيئة»، فإن الحكاية التي ترويها هالة لا تظهر معظم الأشياء التي يحاول الزوج تقديمها تبريراً لخيانته. إخراجياً، بدا لافتاً اهتمام المسلسلات المصرية الأخيرة، بجمالية الأماكن والديكورات والمشاهد الطبيعية: البيوت فارهة، المشاهد الطبيعية مليئة بالجمالية، البحر، الزرقة، الديكورات المهندمة، الثياب المرتبة، حتى إنّه قلّما نجد مشهداً يختلف حتى لتكاد تشعر بأن جميع المشاهد والممثلين قد تم «كويهم» بالفعل حتى يظهروا بهذا الترتيب كل الوقت. يحسب للمخرج أمير رمسيس أنه اهتم كثيراً بالمشاهد التي تجمع بين أبطاله، فقرّب الكاميرا حينما احتاج ذلك، وأبعدها عن وجوههم في حال لم يكن ذلك ضرورياً.
باختصار هو مسلسل يستحق المشاهدة، لأسباب كثيرة كما أشرنا ترتبط ارتباطاً رئيسياً بالأداء، والتصوير، وطريقة تقديم القصة، وإن كانت القصة مطروقة كثيراً، ومستهلكة في الدراما العربية من دون أي سبب منطقي، حتى ليكاد لا يخلو أي موسم مسلسلات عربي من عملين أو ثلاثة تتحدّث عن هذا الموضوع.

* «النزوة» على «شاهد»