في رمضان الماضي، تسلّل تلميذ سوري من بيته في ريف دمشق، ليشق طريقه في ظلام حالك تقبع فيه قريته بسبب الهجوم المتكرر للمعارضة المسلحة على خطوط الغاز، تاركاً كتب الثانوية العامة وراءه، وقاصداً منزل أحد الأصدقاء. كانت حال الجائعين في بلدته تقض مضجعه. هكذا، اقترح على زميله تأسيس حملة «خسى الجوع» التي أطعمت مئات العائلات النازحة في شهر الصوم.
لكن هذا العام، التحق التلميذ بكلية الهندسة المعمارية وهُجّر قسراً من بلدته، بينما غيّبت السجون صديقه. لكن همته لم تضعف، وسرعان ما التحق بفريق «بادر» التطوّعي ليساهم معه في حملات لمساعدة اللاجئين والنازحين والفقراء. اختار الفريق تكرار تجربة خاضها العام الماضي بإحياء عادة «سكبة رمضان» التي يشتهر بها أهل الشام منذ زمن طويل. وهي عادة تقوم على تبادل أطباق الطعام بين الجيران طوال رمضان. غير أنّ الفريق الشاب الذي يقوده عبد الحفيظ القسطي ارتأى توجيه «السكبة» نحو العائلات الفقيرة والمعدومة وفقاً لإحصائيات قامت بها مجموعة مدرّبة لجمع معلومات عن العائلات المحتاجة. وقال لنا مسؤول المتطوعين في «بادر»: إننا «نجهّز ما يتجاوز 4000 وجبة يومياً توزّع على 18 حياً دمشقياً بطريقة منظمة، وحسب الأولية، وللعائلات الأشد حاجة، بحيث تجهّز هذه الوجبات بمساعدة عشرات المتطوعين، بشرط ألا تُقبل المساعدات المالية من أي جهة، مع الاكتفاء بالمساعدات العينية التي تصلنا يومياً». من جهة ثانية، تفيد صفحة «بادر» الفايسبوكية بأنّ عملها مستمر تماشياً مع الحاجة الملحّة لهذه المشاريع، فيما عملت المجموعة على الإعداد باكراً لهذه المبادرة للوصول إلى أوسع عدد من المحتاجين.