«إنه النداء الأخير قبل تصوير المسلسلات التي ستُعرض في شهر رمضان 2023». هذه هي حالة شركات الإنتاج اللبنانية التي حدّدت موعد انطلاق كاميرات المخرجين بين شهرَي تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي وكانون الأول (ديسمبر) المقبل، للتحضير لمشاريعها الرمضانية. مبدئياً، لا شيء جديداً في خطة المنتجين لشهر الصوم، بل يتقيدون بالمنهج نفسه الذي وضع في الأعوام السابقة تحضيراً لـ«زوّادة» رمضان الدرامية، أيّ انطلاق التصوير قبل ثلاثة أشهر من حلول شهر رمضان، كي تكون المشاريع جاهزة للعرض في وقتها. بما أن شبكة mbc السعودية ومجموعة من القنوات الإماراتية، هي التي تدير دفّة شراء وعرض المشاريع الرمضانية، تمشي شركات الإنتاج بناء على برنامج واضح لتسليم المشاريع في وقتها، كي لا يغدرها الوقت.
رغم غياب المفاجآت الإنتاجية هذا العام، إلا أنّ انطلاق مباريات كأس العالم لكرة القدم في قطر الأحد المقبل، شكّل فرصة لشركات الإنتاج لتتفرّغ لمسلسلاتها الرمضانية وتجمّد في المقابل أعمالها ذات الحلقات القصيرة التي يعرضها تطبيق «شاهد» وغيره من المنصّات. لذلك تستغلّ الشركات انشغال المتابعين بـ«المونديال»، لتصوير مشاريعها بهدوء، على اعتبار أنّ مزاج المشاهد مأخوذ بالرياضة العالمية.
بجولة سريعة على شركات الإنتاج، يبدو أن موسم شهر رمضان 2023 سيشهد منافسة عادية، وسط استمرار غياب المسلسلات اللبنانية عن الخريطة الدرامية بشكل شبه كلي. هذا الأمر لم يعد مفاجئاً، بل جاء كانعكاس للأزمة المالية التي تعانيها شركات الإنتاج «المتوسطة» على إثر ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، بينما يشهد السوق الإنتاجي فورة الدراما المشتركة بين السوريين واللبنانيين.
في هذا السياق، تعتبر «صبّاح إخوان» الأكثر نشاطاً بين شركات الإنتاج في رمضان 2023. إذ تحضر الشركة التي يديرها صادق الصباح لمسلسلين مشتركين، وعمل سوري يتيم، إضافة إلى مسلسلين مصريين ومشروعين دراميين في المغرب.
بعدما أغلقت «صبّاح» أبواب سلسلة «الهيبة» (ورشة كتّاب وإخراج سامر البرقاوي) الذي قدّمت منه خمسة مواسم جمعت تيم حسن ومنى واصف وعبده شاهين وغيرهم، فتحت الشركة باب «الزند» (كتابة المسرحي عمر أبو سعدة وإخراج البرقاوي) الذي يلعب بطولته تيم حسن ودانا مارديني وغيرهما. العمل الذي انطلق تصويره قبل ثلاثة أشهر تقريباً، يعتبر أول المشاريع الرمضانية التي وضعت على السكّة بسبب مشاهده التي تتنقل بين سوريا ولبنان.
في حديث لـ «الأخبار»، يشبّه صادق الصبّاح جميع المسلسلات التي ينتجها بأنها «مثل أبنائه»، مضيفاً «لا أميّز عملاً عن آخر. بعد «الهيبة»، كان لا بدّ من مشروع جديد فجاء «الزند»». يشرح المنتج اللبناني: «أعوّل أهمية كبرى على «الزند»، وقد بدأ السيناريست عمر أبو سعدة بكتابة جزئه الثاني. إنه عمل سوري محض من دون مشاركة أيّ ممثل لبناني». يتابع المنتج اللبناني واصفاً مسلسل «النار بالنار» (كتابة رامي كوسا) الذي سيجمع عابد فهد وكاريس بشّار وجورج خبّاز وزينة مكي وسعيد سرحان وغيرهم، بأنه من «أجمل ما قرأت أخيراً. لقد كتب السيناريست السوري رامي كوسا نصّاً من رائحة تاجر البندقية. يضم النصّ شخصيات رائعة ويتطرق إلى علاقة بيروت والشام. إنه نوستالجي، وسينطلق تصويره الأسبوع المقبل في بيروت».
على الضفة نفسها، يتوقّف «الصبّاح» عند مسلسل «وأخيراً» (تأليف السوري بلال شحادات وإخراج أسامة الناصر) الذي سيجمع نادين نجيم وقصي خولي وغيرهما. تعود نادين للسباق الرمضاني بعد غيابها العام الماضي.
يرى المنتج اللبناني أنه بعد مسلسل «2020» (كتابة نادين جابر وبلال شحادات وإخراج فيليب أسمر/نادين نجيم وقصي خولي وغيرهما)، كانت هناك مسؤولية لتقديم مشروع آخر مميز، فكان «وأخيراً»، على أن يبدأ تصويره في النصف الأخير من تشرين الثاني الحالي. كذلك تستعدّ «صبّاح» لتصوير مسلسل «السجن» (كتابة كارين رزق الله وإخراج إيلي السمعان) الذي سينطلق خلال أيام وسيجمع كارين رزق الله ومعتصم النهار وغيرهما.
لا تتوقّف مشاريع «صبّاح إخوان» عند الأعمال الثلاثة، بل تحضّر لمسلسلين مصريين: الأول «علاج طبيعي» (فكرة محمد هشام عبيه وإخراج مريم أبو عوف) تلعب بطولته منّة شلبي وسيصور في بيروت خلال الأسابيع المقبلة، والثاني المسلسل المصري «الأجهر» (إخراج ياسر سامي وورشة كتّاب) الذي سيلعب بطولته عمرو سعد، ودرّة ومجموعة من الممثلين المصريين وسيصوّر في بيروت في كانون الأول المقبل بعد أن ينتهي تصوير مشاهده من جنوب أفريقيا. كذلك، تصوّر «صبّاح» المسلسلين المغربيين «مال الدنيا»، و«سلامات أبو البنات».
في مقابل زحمة نشاط «صبّاح إخوان»، تخوض «إيغل فيلمز» السباق الرمضاني بمسلسل مشترك واحد هو «للموت 3» (تأليف نادين جابر وإخراج فيليب اسمر) الذي يجمع ماغي بو غصن ودانييلا رحمة. رفعت الشركة المنتجة التي يديرها جمال سنان، سقف المنافسة في العمل، عبر التعاقد مع نجوم سوريين بارزين. فقد أعلنت «إيغل» عن انضمام الممثلة اللبنانية ورد الخال والسوريين فايز قزق ومهيار خضور ويامن الحجلي إلى المسلسل، وتلك الوجوه تعدّ لافتة في الساحة اليوم.
في هذا الإطار، تلفت المعلومات إلى أن «للموت 3» انطلق تصويره قبل أسبوعين تقريباً، وسيصور بين لبنان وتونس. وتشير المصادر إلى أن الجزء يضمّ أحداثاً جديدة مليئة بالأكشن، وكلها تدور في فلك صراعات الإنسان بين الخير والشرّ. وكان «للموت» قد تعرّض في شهر الصوم الماضي لانتقادات بسبب المبالغة في أداء الممثلين، والاعتماد على عنصر الإبهار في الشكل الخارجي للممثلين.
وسط زحمة المسلسلات المشتركة، بات حضور المسلسلات اللبنانية في السباق الرمضاني أشبه بالعملة النادرة، خصوصاً مع اشتداد الأزمة المالية في لبنان خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ما أخرج الدراما المحلية كلياً من المنافسة، وسط ضياع شركات الإنتاج اللبنانية بين احتمال تواجدها أو غيابها عن رمضان.
فورة الدراما المشتركة وغياب كليّ للمسلسلات اللبنانية


في هذا الإطار، يتحضّر المنتج مروان حداد صاحب شركة «مروى غروب» لعودته مبدئياً لشهر رمضان بعد غياب قصير. يقول حداد لنا إنّه لم يحسم بعد مسألة تواجده في السباق، ولكن من المؤكد أن هناك مشروعاً جديداً سيبصر النور. وحول تفاصيله، يوضح أنه قد يكون مسلسلاً لبنانياً أو مشتركاً، بحسب طلب الجهات التي ستسوّق للمشروع.
من جانبه، يكشف ايلي معلوف أنه يستعدّ لتصوير مسلسل لبناني جديد بعنوان «سرّ وقدره» (كتابة فيفيان أنطونيوس) تلعب بطولته فيفيان أنطونيوس وفادي ابراهيم وغيرهما. يلفت المنتج والمخرج اللبناني إلى أنّه لم يعرف بعد موعد عرض العمل، لكنه على الأرجح سيكون على خريطة رمضان 2023. وأشار إلى أنه من المرجّح أن يتجمد عرض المسلسلات على الشاشات المحلية خلال «المونديال». لذلك قد يتم تأجيل عرض بعض المشاريع التي كان من المتوقع بثها خلال الأسابيع القليلة.
على الضفة نفسها، ينفي رائد سنان صاحب شركة «فالكون فيلمز» حضوره في السباق الرمضاني، موضحاً أنه منشغل حالياً بتصوير مسلسله القصير «ترتيب خاص» (كتابة فؤاد يمين ورامي عواض وإخراج ميار النوري)، ويلعب بطولته النجم السوري مكسيم خليل ومجموعة من الممثلين اللبنانيين. كما يحلّ الممثل السوري عباس النوري ضيفاً على العمل. ويوضح المنتج أنه يركز على المسلسلات القصيرة فقط بعيداً عن الدراما الرمضانية.
إذاً، يعتبر شهرا تشرين الثاني الحالي وكانون الأول المقبل، موعد تصوير شركات الإنتاج لمسلسلاتها الرمضانية، وسط هدوء نسبي سيخيّم على السوق الفني مع انطلاق «المونديال» الذي يستمرّ حتى نهاية العام الحالي.