
بعدما ألغت شركة الطيران الرحلة التي كانت مريم (فاطمة البنوي) وشقيقها ناصر (براء عالم)، يريدان أن يستقلانها للذهاب من الرياض إلى أبو ظبي، لحضور زفاف والدهما (عبد المحسن النمر)، طلب والدها منهما أن «يمسكا خط» أي السفر من الرياض إلى أبو ظبي عن طريق البر، وبالتحديد الطريق السريع 10 (أطول طريق مستقيم في العالم). علاقة الشقيقين ليست جيدة، وكذلك علاقتهما بوالدها، لكن الواجبات العائلة والاجتماعية تفرض عليهما ما لا يريدانه. ينطلقان في الرحلة، لكنهما سرعان ما يكتشفان أنّ هناك شخصاً غامضاً يلاحقهما ويحاول قتلهما. وسط صراع البقاء هذا، تحاول مريم وناصر كشف المعتدي وفي الوقت نفسه وضع خلافاتهما جانباً للبقاء على قيد الحياة والوصول إلى وجهاتهما.
يشير كل شيء في الفيلم إلى موضوع الانتقام، لكنه يفتقر إلى القوة لإحداث تأثير علينا. لم نتعاطف مع الشخصيتين لأننا لم نعرفهما أصلاً، وهذا الشعور انعكس على الشخص الغامض الذي يحاول مطاردتهما في السيارة، فأصبحنا غير مبالين أيضاً بقصته، رغم بعض التلميحات غير الضرورية التي ضمّها الشريط، فقد ضعضعت توازنه إن وجد في بعض الأحيان. ركز نعيم كثيراً على الطبيعة الصحراوية والسيارات والسرعة والحركة ونسي من يقوم بكل هذه الأفعال. ركز على الفعل ونسي الفاعل. وهذا لا بأس به في أفلام الحركة والسرعة، ولكن بعض التوازن بين الاثنين مطلوب دائماً. إحدى أهم نقاط القوة في الفيلم تتمثل في حالة عدم اليقين والخوف، لكن عندما لا نطعّم عدم اليقين هذا ببعض الإثارة، فإنّه لا يوصلنا إلى مكان. حتى الإثارة ومشاهد الحركة في الفيلم جاءت باهتة، إلى درجة أن بعض هذه المشاهد جاءت فكاهية. الكاميرا تلاحق السيارتين والأحداث والممثلين بحواراتهم السطحية، ولكن كل هذا لا يوصلنا إلى عمق المأساة. لذلك عند الانتهاء من الفيلم نخرج غير مبالين بما شاهدنا ولا بالقصة ودوافعها.
حاول المخرج زخرفة العمل بألوان الصحراء وبيئتها والأصوات والموسيقى
طوال الطريق، نحن بصحبة شخصيتين بعيدتين كل البعد عن الديناميكية. كلامهما عن عائلتهما ومشكلاتهما ووالدهما وحتى مشكلاتهما الذاتية تتلاشى مثل الرمال الصحراوية. شخصيات وأحداث كتبت على عجل، حتى الأحداث المفاجئة التي تقع، كانت متوقعة بسبب عدم تناغم السرد. الفيلم بعيد عن إبهارنا، حاول نعيم زخرفته بألوان الصحراء وبيئتها والأصوات والموسيقى، ولكن كل شيء بدا باهتاً وناقصاً. وقع الفيلم ضحية نفسه. كان يمكن أن يكون فيلماً جيداً جديداً، حبذا لو كان عشرين دقيقة فقط، لأن المشاهد والأحداث أوقعته في التكرار والملل. حاول نعيم صنع فيلم هوليوودي ناطق بالعربية في قلب صحرائها، خالٍ من الكليشيهات والمواضيع التي تهم الغرب وهذا يحسب له. «سكة طويلة» فيلم ترفيهي، رحلته هذه تبقى على الطبقة الأولى من «الزفت»، ملتزم تماماً بفرضيته ولا يتطور، مفكك وغير منتظم. أفلام كهذه يجب أن تقعدنا على حافة مقاعدنا، أن تظلّ تطلب اهتمامنا وانتباهنا، وهذا ليس موجوداً في فيلم نعيم. لذلك، فالشريط يحتاج المزيد من النضج والخبرة... والميزانية!
* Route 10 على نتفليكس