«تغطية الذكرى الثانية لانفجار مرفأ بيروت ليست عادية، لكنها ليست مميّزة أيضاً». بهذه العبارة، يختصر أحد العاملين في المحطات الخليجية والعربية المشهد الإعلامي في الذكرى الثانية للانفجار مقارنةً بالتغطية الإعلامية الزخمة العام الماضي. هكذا، تستذكر المحطّات الكارثة من خلال التركيز على أهالي الضحايا، والدمار الذي خلّفه في المناطق المجاورة، ومجريات التحقيق، إلى جانب عنصر مهم أضيف هذه السنة هو الأَهراءات. قبل أيام، حذّرت السلطات اللبنانية من خطر سقوط الجزء الشمالي المتصدّع من الأهراءات. أتى التحذير بعد وقت قصير من اشتعال النيران فيها نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وتخمّر كميات من القمح ظلت مخزّنة في الأهراءات منذ وقوع الانفجار، لصعوبة سحبها، بحسب ما يتردّد. لم تمرّ أيام على التحذير، حتى نقلت القنوات العربية والخليجية واللبنانية الأحد الماضي مباشرة على الهواء، سقوط جزء من الأهراءات (الصوامع) بعدما غطّاها الغبار الكثيف. مشهد تسابقت على تصويره الشاشات. فمنذ صباح الأحد الماضي، وضعت القنوات الخليجية كاميرات ثابتة أمام الأهراءات منتظرة لحظة السقوط كأنه مشهد سينمائي، أو أحد برامج تلفزيون الواقع، لتخرج كل قناة لاحقاً وتعلن أنها صاحبة أول فيديو بُثّ لحظة السقوط.مع حلول الذكرى الثانية للانفجار اليوم، تخصّص القنوات اللبنانية تقارير صورتها سابقاً وبثّ مقابلات متنوّعة، وتفتح هواءها صباح اليوم مباشرة من المرفأ لتنقل بعض المقابلات مع الأهالي والسكان. ومساءً، تشتدّ حماوة البرامج بعرض حلقات خاصة من وحي المناسبة.
في هذا الإطار، بدأت lbci منذ 26 تموز (يوليو) الماضي، ببثّ تقارير يومية ضمن نشرة الأخبار المسائية حملت اسم «الحقيقة لآخر نفس». تفتح القناة اليوم نهارها كاملاً لإلقاء الضوء على كل ما يتعلق بانفجار المرفأ. ومساء اليوم، تعرض حلقة خاصة مع ماريو عبود. كذلك الأمر بالنسبة إلى «الجديد» التي تعرض طيلة اليوم تقارير وريبورتاجات عن الانفجار. وبعد نشرة الأخبار المسائية، تطل داليا أحمد ضمن حلقة خاصة بعنوان «يوم الحساب» تستذكر فيها زلزال 4 آب مع ذوي الضحايا ومسؤولي قسم الاستقصاء في المحطة. وعلى mtv، تطلّ نبيلة عواد في حلقة خاصة بعنوان «الحقيقة بالعنبر» (10:10 مساءً). في «المنار» لا تختلف البرمجة، إذ تعرض تقارير في برامجها السياسية الصباحية. وفي السادسة عصراً، تطل المقدمة والمراسلة منى طحيني في حلقة خاصة مع ذوي الضحايا.
هذا بالنسبة إلى القنوات اللبنانية، فماذا عن الإعلام العربي والعالمي؟ تلفت مصادر لنا إلى أن تلك القنوات حاضرة في بيروت من دون استقدام أي طاقم منها خارج لبنان. ومن بين القنوات الحاضرة: «العربية»، و«سكاي نيوز عربية» «Rt»... إضافة إلى أهم وكالات الأنباء العالمية.
من جانبها، بدأت «سكاي نيوز عربية» قبل ثلاثة أيام تقريباً، عرض تقارير يومية عن الانفجار فيما صوّرت مجموعة تقارير عن مجريات التحقيق ووضع أهالي الشهداء والجرحى. ويوضح مصدر في المحطة أن الأخيرة تواصل متابعة الملف بكل تفاصيله، وتبثّ غالبيتها تحت شعار «بيروت بانتظار العدالة»، وتعرض يومياً تقريراً أو اثنين من وحي الحدث.
لم يعد الحدث يشكّل أولوية في برمجة القنوات الخليجية


من جهتها، عرضت «الجزيرة» تقريراً استباقياً حول الانفجار أمس وتستكمله اليوم. لكن في الإجمال، لم يعد الحدث يحتل أولوية في برمجة الإعلام الخليجي المشغول اليوم بالملف العراقي، والحرب الروسية الأوكرانية، إضافة إلى التطورات السياسية في الملف الصيني والتايواني.
إذاً، برمجة عادية تبثّها المحطات اليوم في الذكرى الثانية لانفجار المرفأ، يكون عمودها الفقري الشقّ الإنساني، طبعاً مع استثمار سياسي بحسب هوى كل منبر إعلاميّ.