اختتم أمس المعرض الفردي الأول لغوشا بشليان في «غاليري آرت لاب» (الجميزة). معرض Pin that Bunny هو السابع في سلسلة من عشرة معارض كـجزء من CATAPULT.visual›arts ضمن مشاريع الصالة. لقطات أو مشاهد مفتوحة تتوغل في شخصيات واقعية أو متخيّلة تعكس فيها الفنانة حالات التوتر والعزلة والاضطراب والخوف في أجساد وحركات النفس البشرية في هذا العصر المليء بالمفارقات. تنطلق الفنانة من فكرة الهشاشة التي تلازم المسار الإنساني، لتحفيز وتعميق التجديد الفني، ونبش ما في الشخصيات الإنسانية من تمازج بين الخيالي والمعيش والمفترض والمحسوس وغير المحسوس. ‏ولكي تخترق هذه الطبقات من الهشاشة والتراكم، تلجأ إلى مرويات العشق والخسارة والأسف لكي تكشف رمزياتها.
من المعرض

هكذا، وضعت الفنانة مجموعةً من قطع الحفر فيها تزاوج بين المنظور الغربي والمنظور الشرقي، الواقعي والخيالي، المحدد وغير المحدد في احتمالاته ورؤاه. اقتصرت غوشا بشليان على النمط الحفري التأسيسي لفن الغرافيك. أعمالها الحفرية على اللونين الأبيض والأسود (الحفر على الخشب والينيليوم)، تبعث مناخاً حاداً يشي بحالات من الغموض والاختزال. فتحت عالماً من الأبيض والأسود وما بينهما من رماديات. ترسم لوحات، تشي بوطأة المعاناة، مع الإحساس بنوعية العنصر وقدرته الإيحائية.
هيكل الأعمال تخطيطي، أكثر ما هو تلويني. هذا التحديد النفسي التقني يبتعد عن تفسير الأبيض والأسود بالتراجيديا والمأساة. إنها أداة تعبيرية لا أكثر، ولا أقل، ويمكن لها أن تشعّ بالفرح أو المأساة، فرؤية الفنانة هي الأساس. أما الأبيض والأسود أو الألوان، فليست سوى أدوات الصياغة. تميل الفنانة التشكيلية إلى رسم بورتريه شخصيات بواقعية؛ كأنها تلجأ إلى إبراز الملامح الجمالية وإدخال التفاصيل، لتعكس ما يجول بداخلها من أفكار ومشاعر فيما تستوحي شخصياتها من الواقع والخيالي، لترسمها بطريقة جمالية تحتوي على تفاصيل دقيقة. كأنها تستهوي التلاعب والتعامل مع تفاصيل الشخصيات، لمزج الصورة الواقعية بأفكار خيالية من ذهنها تندرج ضمن لعبة دمج الألوان بجماليات تبرز نمطاً جديداً يعكس أبعاداً وتفاصيل جديدة للوحة الفنية.
هذه الاسكتشات التي تنفذ غالباً بأقلام الرصاص أو الفحم أو الحفر أو أي مادة أخرى يسهل التعامل معها بالحذف أو الإضافة، اتخذت مكانة مرموقة في مسيرة الفنون التشكيلية حيث رسمت لوحاتها الاسكتشات مثل الرسام النرويجي إدوارد مونش ولوحته «الصرخة» واسكتشات بيكاسو ومنها لوحة «الغيرنيكا» التكعيبية، ورامبرانت الذي رسم مخططات بالأبيض والأسود للعديد من لوحاته الفنية. فلا نكاد نطلع على مسيرة أي فنان من رواد الفنون التشكيلية إلا ونجد كماً من رسومات تخطيطية لأعمالهم الفنية. وقد نستغرب قلة المعارض الفنية المحلية التي تهتم بعرض معرض متكامل للرسومات أو الاسكتشات. فهذه الرسومات تعد إضافةً نوعيةً للمعارض في الساحة التشكيلية ولا تقل أهميتها في الفنون البصرية عن أساليب أو اتجاهات أخرى من حيث المحتوى واللغة البصرية الفنية.
تقيم غوشا بشليان في بيروت (مواليد 1991 في يريفان). درست التصميم الغرافيكي في «جامعة سيدة اللويزة»، قبل أن تدرس الفن الكلاسيكي في «أكاديمية فلورنسا للفنون». أكملت أخيراً منحتها الدراسية في الطباعة في «استوديو بيروت للطباعة».