أظهرت رين متري ندوبها، أرادت التكلّم عنها بعدما باعت أرضها في قرية مسيحية إلى رجل مسلم. هذه العملية التجارية البسيطة، أجّجت جدلاً طائفياً وأطلقت حرباً مناطقية حول هوية الأرض. لم تَخَف متري ممّا حدث، بل فتح ذلك عينيها على الصراعات الطائفية الكامنة، وعلى الرهاب الديموغرافي الطائفي الذي تغذّيه قصص من زمن الحرب. أرادت متري الغوص في تفاصيل هذا الرهاب، فكانت واضحة منذ بداية الفيلم. أخبرتنا قصتها بدون مواربة ولا رموز. من خلال قصتها وقصة أشخاص آخرين قابلتهم، وصور ومشاهد من أرشيف لبنان، وقراءات من كتب التاريخ، سمح «لي قبور في هذه الأرض» ليس فقط بفهم الواقع أو مشكلاته وأزماته وتناقضاته، بل حثّنا على محاولة تغييره.
صورة ثابتة تكشف الجمود وتراكمات الزمن
«لي قبور في هذه الأرض» حكاية هوية وطنية، بلد مزّقته الهويات المذهبية، تخشى مجتمعاته التقسيم الديموغرافي. على الرغم من أنّ وثائقي متري عن الأرض، ومن يعيش عليها، إلا أنّه عكس التأثير الذي يطال مَن هم تحتها، أي الأموات الذين عبّرت عنهم متري في عنوان شريطها. هم شخصيات موجودة في الفيلم، وموتهم أثّر علينا وعلى الأرض الذي نتقاسمها وندّعي أنّها حق لنا دون الآخر المختلف في الهوية الدينية والمذهبية. تنتقل متري ذهاباً وإياباً، رثاءً وعاطفةً، بين الماضي والحاضر، تثبّت مع مرور الدقائق ارتباطها بهذا المكان على الرغم ممّا تنتج هذه الأرض من آلام. في «لي قبور في هذه الأرض»، الوقت التاريخي مجزّأ ومتحجر. صورته الثابتة تكشف جدلية الجمود وتراكمات الزمن الذي لا يزال يؤثر علينا حتى اليوم مع تراكم بقايا الماضي، والحاضر الذي لا يختلف أبداً عنه.
* «لي قبور على هذه الأرض»: حتى الأربعاء على «أفلامنا» ــ aflamuna.online