تحت عنوان «مواجهة الاستثمار المفرط لمنظمات المجتمع المدني ـ «عامل» تجربة ديموقراطية لبناء مواطن ووطن»، أصدرت «دار الفارابي» كتاب مؤسّس ورئيس «مؤسسة عامل الدولية» منذ 1979، كامل مهنا. يوضح الأخير أنّ الكتاب، وإن كان يركّز على المستجدات النظرية أحياناً، إلا أنّه «ينطلق من تجربة على الأرض، ومن دروس رسخت في ذاكرته، ومن تجارب نضالية تمتدّ على أكثر من خمسين سنة في العمل السياسي والديموقراطي والمدني، ومن تجربة «مؤسسة عامل» من خلال مسيرتها مع المتطوّعين من جهة، ومع الناس من جهة أخرى، وقد عكست المؤسسة المنحى التبعي الذي غالباً ما يكون في اتجاه واحد من الغرب إلى الشرق، ودائماً بالعمل الندّي واعتماد شعار «شركاء لا أوصياء» ونبذ سياسة الاستعمار الجديد والإملاءات التي لا تزال سائدة في العديد من المواقع».الطبيب والأستاذ الجامعي ورئيس «مؤسسة عامل» الصحية الاجتماعية التنموية والمنسّق العام لـ «تجمّع الهيئات الأهلية التطوعية في لبنان» ومنسّق عام «تجمّع المنظمات الأهلية العربية» والخبير في منظمة الصحة العالمية، حاز ثقة محلية ودولية لما تحمله سيرته الذاتية من إنجازات، خصوصاً تلك المرتبطة بالشأن الطبي والشأن الأهلي التطوعي وشؤون اللاجئين. باختصار في كلّ مكان وزمان، استطاع مهنا أن يقدّم عملاً برع فيه. لذا كان كتابه الجديد خريطة مشغولة بإتقان ومتّكئة على أرقام ومعلومات حول منظمات المجتمع المدني في بلد أنهكته الحروب الخارجية والداخلية، وأسهم في إغاثته عدد من هذه المنظمات، ومنها «عامل» التي تؤمن بتكريس مفهوم السلام العادل والمواطنة وحقوق الإنسان، وتركّز على النضال من أجل توزيع عادل للثروات، وتسهم بشكل أساس في مشاريع التنمية التي تعود بالفائدة على المواطنين وأجيال المستقبل.


قدّم للكتاب الوزير السابق والخبير الاقتصادي والمالي جورج قرم الذي اعتبر أنّ الكتاب غني بالمراجع التاريخية والحديثة، وبالتجارب المحلية والدولية، فقد «اعتمد مؤلفه نهجاً وصفياً ونقدياً في آن معاً، فأتت فائدته كبيرة للقارئ، وأتى مضمونه موازياً للنضال المتواصل الذي يخوضه الدكتور مهنا والمؤسسة التي أنشأها أي «عامل»، من أجل تثبيت تجربته الوطنية على أرض الواقع، وتكريس نموذج عمل اجتماعي إنساني، لا يقلّ أهمية عمّا تقدّمه مؤسسات المجتمع المدني الغربية. بل يتخطّى ذلك ليقدّم إلى الغرب أنموذجاً شرقياً متميزاً يمكن أن تقتدي به مؤسسات غربية».
كذلك، قدّم للكتاب عالم النفس والاجتماع مصطفى حجازي الذي أزال اللّبس في مقدّمته ما بين المجتمع الأهلي والمدني، والفارق النوعي والاستراتيجي بينهما، مضيفاً أنّ فصول الكتاب تمثّل تجسيداً عملياً لفلسفة عمل المجتمع المدني، وهي بالتالي تمثّل خريطة طريق واضحة المعالم للنهوض بالعمل التنموي في المجتمع المدني ومؤسساته وشراكتها مع برامج الدولة. «يشكّل الكتاب دليل عمل للنهوض بالتنمية المجتمعية والوطنية، المستقاة من تجربة ميدانية فائقة الغنى، والموجّهة بفلسفة واضحة في إطلاق طاقات الإنسان وتمكينه، وصولاً إلى صناعة مصيره ومصير الوطن». ينقسم الكتاب إلى ثلاثة أقسام: الأول يضمّ ثلاثة فصول عن تطوّر مفهوم المجتمع المدني، وخصوصيات المجتمع المدني في لبنان، وطبيعة الدراسات التي أُجريت عن المجتمع المدني في لبنان. أما القسم الثاني، فيضمّ أربعة فصول عن تطوّر العمل الإنساني في لبنان، وتنسيق هيئات القطاع المدني وتجاربها، وعن طبيعة المجتمع المدني الذي هو مجتمع تطوّعي، والانتقال من التطوّع الإغاثي إلى التطوّع التشاركي التنموي الحقوقي. ويضم القسم الثالث أربعة فصول هي: الفضاءات السياسية والاجتماعية والثقافية التي سبقت التأسيس ورافقت الانطلاقة، التطوّر النوعي والسريع واكتساب الخصوصية، تجربة «عامل» في التطوّع ودورها المحرّك، وتوجّهات واقتراحات وأرقام.
رفع شعار «شركاء لا أوصياء» ونبذ سياسة الاستعمار الجديد


ويختم مهنا كتابه بكلمة أخيرة ضمّنها نقاطاً أساسية تمثّل رؤية لحاضر التجربة ومستقبلها من خلال إبراز كيفية تفعيل المجتمع المدني، وكيفية مواجهة المخاطر في لبنان، مركّزاً على مطالبة المجتمع المدني في لبنان بالمشاركة في مواجهة الواقع المرير الذي يعيشه لبنان، بخاصة بعد 17 تشرين الأول 2019، والبحث عن رؤية عقلانية لمواجهة الخطر المستطير على بنيته ووجوده، ولتخليص المجتمع اللبناني من ثقافة القمع والفكر السلبي. وتضمّن الكتاب أيضاً ملاحق مهمة منها مراجع ودراسات وتقارير وأبحاث حول المجتمع المدني وجذور العمل الاجتماعي في الشرق والغرب..