ويقول مصدر محلّي، لـ«الأخبار»، إنّ منزل عائلة الشهيد عبد الله الحصري كان أحد أهداف الاقتحام الإسرائيلي؛ إذ طالب الجنود عبر مكبّرات الصوت بإخلاء المنزل، ثمّ دهموه لاعتقال المطاردَين الشقيقَين محمد وطلال الحصري، لكن الأخيرَين نجحا في الانسحاب من المكان. ومحمد وطلال هما شقيقا الشهيد عبد الله الذي سقط قبل أشهر خلال اشتباك مسلّح في مخيم جنين، وثلاثتهم أسرى محرَّرون منذ فترة قريبة، ويعملون ضمن «كتيبة جنين» في «سرايا القدس». وتخلّلت الاقتحامَ اشتباكاتٌ مسلّحة واسعة، رافقها إلقاء عبوات ناسفة محلّية تجاه آليات العدو، الذي استخدم أسلوب الإلهاء عبر تخصيص عدّة آليات عسكرية فارغة - يتواجد في كلّ منها السائق فقط أو مع جندي إضافي إلى جانبه - لتجوب شوارع وأحياء بعيدة نسبياً عن هدف العملية، بهدف إشغال المقاومين وتوجيه أنظارهم إلى مناطق أخرى لتخفيف الضغط على الجنود من جهة، ومحاولة اصطياد مقاومين آخرين من جهة أخرى، عبر استدراجهم إلى نقاط يتمركز فيها قناصة مخفيّون. وخلافاً لما يجري عادة عند كلّ اقتحام، لم تُسجَّل إصابات في صفوف الشبّان أو المقاومين، فيما أسفر الاعتداء فقط عن استشهاد الصحافية شيرين أبو عاقلة وإصابة الصحافي علي سمودي. وتوازياً مع العملية، شهدت بلدة صانور في جنين اقتحاماً خاطفاً، تخلّله اشتباك مسلّح، انسحب العدو على إثره بعد اعتقال المطارَد عبد السلام العيسة وشابّ آخر. وخلال الأشهر الماضية، شهدت صانور عدّة عمليات إطلاق نار، في ما أنبأ بمرحلة جديدة لم تَعْهدها البلدة منذ انتهاء الانتفاضة الثانية قبل 16 عاماً، فيما يبدو أنّ ظاهرة الاشتباك والمطارَدة في ريف جنين بدأت تتوسّع بعد أن كانت تتركّز في المدينة ومخيّمها بشكل أكبر.
كشفت العملية العسكرية الأخيرة عن انضمام دفعات جديدة من المقاومين إلى قائمة المطارَدين المطلوبين
وكشفت العملية العسكرية الأخيرة عن انضمام دفعات جديدة من المقاومين إلى قائمة المطارَدين المطلوبين لجيش العدو في مخيّم جنين، على رغم «تحييد» عدد لا يُستهان به من هؤلاء خلال الفترة الماضية. كذلك، أنبأت العملية بأنّ الضربات الإسرائيلية الخاطفة لم تفلح في تقليص ظاهرة الاشتباك في جنين، والتي يبدو أنها ستستمرّ في التوسّع. إزاء ما تَقدّم، وفي ظلّ التحريض الإعلامي الواسع على المقاومين وعائلات منفّذي العمليات، ترتفع مؤشّرات شنّ عملية عسكرية واسعة ضدّ المخيّم، بالنظر إلى حاجة بينيت إلى كسْب نقاط جديدة وتسجيل إنجاز له، ولا سيّما وسط تزعزع الائتلاف الإسرائيلي الحاكم. ومع حرص العدو على تلافي فتح حرب طويلة الأمد على جبهة غزة أو لبنان، قد يكون الخيار الأمثل بالنسبة إليه اقتحاماً واسعاً أو اجتياحاً مؤقّتاً كبيراً لمخيّم جنين، باعتباره الحلقة الأضعف مقارنة بالجبهات الأخرى، بما يتيح استعادة هيبة جيش الاحتلال، وكسب ثقة المستوطنين، من خلال الاستفراد بهذه الساحة ذات المقاومة الناشئة وغير المنظَّمة بشكل متين وكبير. وما يعزّز هذا الاعتقاد أيضاً، تَوفّر عوامل ودوافع إضافية مساعِدة، كارتفاع عدد العمليات الفلسطينية المنطلقة من جنين ضدّ الإسرائيليين، لكن هذا السيناريو المرجَّح تُرافقه أسئلة ومعضلات أمام العدو، على رأسها: هل ستتدخّل المقاومة الفلسطينية في غزة في المواجهة؟ وهل العدو مستعدّ لتحمّل هذا التدخّل وفتح أكثر من جبهة عليه؟
في المقابل، يهدّد استمرار قائمة المطارَدين بالازدياد في جنين، من دون ردّ إسرائيلي، بظهور رموز وقيادات محلّية للمقاومة، وهو ما من شأنه تعزيز انطلاق عمليات جديدة تستهدف المستوطنين من هناك. لذلك، فالخيارات أمام العدو قليلة: فإمّا أن ينوي شنّ اجتياح واسع لجنين، أو يستمرّ في أسلوب «تقسيط الحساب» واستخدام العمليات الخاطفة، بما يشمل استدراج مطارَدين مقاومين إلى خارج المخيّم لتصفيتهم أو اعتقالهم.