أبو ظبي | ليس بيل فونتانا (1947) بمؤلف موسيقي تقليدي. وجد هذا الاميركي في الاصوات اليومية التي تحيط بنا مادةً لـ «منحوتات» صوتية (Sound Sculptures) موسيقية جعلته يجول العالم للبحث عن المبتَكر في كلّ مرة. قبل فترة، أقام معرض «رؤى صوتية وأصداء الصحراء» في «قصر الإمارات»، ضمن نشاطات «مهرجان أبو ظبي».
الجديد في هذا المعرض عَمَلان، كُلّف فونتانا إنجازهما من قبل المهرجان، هما «أصداء الصحراء» و«الأصوات الرديفة» (جسر الشيخ زايد). استمد فونتانا الإلهام لهذين العملين من البيئة الصحراوية الإماراتية، ومن رمزية الجسر كما يقول. درس فونتانا الموسيقى، لكنه لطالما جُذب الى نوع خاص من التأليف. خلال زيارة معرضه، كان لـ «الأخبار» حديث معه: «درست التأليف الموسيقي في الستينات كما كنت أدرس الفلسفة. اهتممت بالخصائص الموسيقية للظروف العادية التي نعيشها. كلما غصت في الموضوع، لاحظت أنه مثير للاهتمام. انتقلت الى نيويورك، حيث تلقيت دروساً عن موسيقى جون كيدج. وكنت كلما تقّدمت في عملي، اقتنعت بأن هذا هو الطريق الذي أريد سلوكه. وأظن أن ذلك يعطيني بعض الإجابات عن دوري في هذا المجتمع». تجهيزات فونتانا تُعرض كثيراً في مساحات عامة ومتاحف عالمية مثل سان فرانسيسكو ونيويورك وباريس والبندقية وطوكيو.
لكن ما هو الفاصل بين الموسيقى والضجيج، وخصوصاً أنّه لا قواعد هارمونية أو نظرية يتبعها المرء في هذا المجال؟ يجيب: «الضجيج هو صوت نختار ألا نصغي إليه، لكن في نظري أن جميع الأصوات والظروف تملك أبعاداً موسيقية، عندما تبدأ مخيلتك بالتعرف إلى الاصوات». يستخدم فونتانا الصوت أداة لتغيير نظرتنا المسبقة إلى أماكن معينة، وإظهار أنّ ما نراه ليس بالضرورة ما نسمعه.

وجد هذا الأميركي
في الأصوات اليومية مادةً لأعماله الفنية

خلال زيارة المعرض مع فونتانا، يقف مطوّلاً أمام تجهيز «الصحراء» الذي طُلب منه خصيصاً للمهرجان. المنحوتة الصوتية هذه، شأنها شأن الاعمال الاخرى التي ضمّها المعرض، مقدّمة عبر شاشة كبيرة وسط قاعة. هذه المنحوتة تطلبت منه المغامرة في الصحراء بحثاً عن الاصوات التي تنتج عن حركة الرمال. أول ما أثار اهتمامه بالصحراء هو «الفضول. عندما دُعيت الى أبو ظبي، فكرت في أن أنجز عملاً عن شيء موجود منذ تكوين الارض. شيء كان هنا منذ القدم. قبل أن تعرف المنطقة كل تلك التطورات، فاتجهت الى الصحراء».
لعلّ أكثر تجهيزات المعرض إثارة للاهتمام شريط مصوّر عن جسر الـ «غولدن غايت» في سان فرانسيسكو. هنا، لا تعود العناصر البصرية هي ما يميّز الجسر الشهير، بل يتحوّل إلى تجربة صوتية مثيرة للاهتمام ووسيلة إصغاء ودراسة للأماكن والاصوات المحيطة بنا. الاستماع الى هذه التجربة الصوتية الفريدة يجعلنا نتذكر أحد أفلام هيتشكوك. نسأل فونتانا هل فكّر يوماً في التعاون مع سينمائيين؟ يجيب «يمكن للموسيقى تلك أن تصلح لأفلام، لكن لم يقترح عليّ بعد أي مخرج ذلك. الا أن الامر في بالي ولا أستبعد الفكرة».