عائداً من بغداد إلى عمّان عام 1976 حملت معي دواوين أربعة: «الأخضر بن يوسف»، و«تحت جدارية فائق حسن» لسعدي يوسف، «الطائر الخشبي» لحسب الشيخ جعفر، و«سيدة التفاحات الأربع» ليوسف الصائغ.ما خفّ حمله وغلا ثمنه. وكان هذا نوعاً من اختصار للشعر العراقي حتى ذلك الوقت.
في عمان التقيت أمجد ناصر، الذي كان أصغر مني، وكان سيّابياً بعد. ثم التقينا بناهض حتر الذي كان ولداً يافعاً في السابعة عشرة من عمره، فشكّلنا خلية شعرية إرهابية في مثلث «وادي النّوَر»، أي وادي الغجر. وهناك سخرنا من كل شعر، واستهزأنا بكل شاعر. كنا عصابة من المجرمين الحديثين. وخلال عامين أو ثلاثة، أخذ المزاج الشعري العام في عمان يتغيّر تحت ضغطنا. وصرنا عصابة مرهوبة الجانب. عصابة فتحت الباب للشعر الجديد.
ما زالت أغلفة الطبعة الأولى للمجموعات الأربع تلمع في ذهني. ما زالت الأرغفة الأربعة ساخنة، وأنا أقضم منها قضمة قضمة.
وأمس رحل حسب الشيخ جعفر.
فلتبقَ ذكرى حسب الذي صار جزءاً منا، ومن تكويننا.

* شاعر فلسطيني