لم تتعدَّ الأعمال التي أُنجزت هذا الموسم أصابع اليد الواحدة. مع ذلك، تحضر الدراما السورية بحوالي 12 مسلسلاً! عدد مقبول، لكن ضئيل قياساً بسنوات التوهّج الذهبي. علماً بأن الخريطة النهائية تشي بأنّ قسماً من الأعمال المعروضة هذا الموسم، كناية عن أجزاء لمواسم سابقة، ومنها ما تمّ تحضيره منذ العام الماضي ليُعرض اليوم. وغالبية تلك المسلسلات تندرج ضمن البيئة الشامية التي لا تزال تستأثر بحصّة الأسد من الدراما الرمضانية، بذريعة سهولة التسويق والطريق الممهّدة إلى الفضائيات... هذا العام، سيكون المشاهد مع مجموعة أعمال تشكّل استمراراً لأجزاء شامية سابقة أبرزها وأهمها «حارة القبة 2» (كتابة أسامة كوكش ـــ إخراج رشا شربتجي ـــ بطولة عباس النوري وسلافة معمار وفراس إبراهيم وفادي صبيح وخالد القيش ــــ إنتاج «عاج» ــــ «رؤية»، art، «لنا»، «سوريا دراما»). يقدّم العمل قصّة شامية مشوّقة تستعير بعض مفرداتها من مجموعة مسلسلات سابقة، مثل الأمانة التي تشكّل جوهر البناء الحكائي للمادة الدرامية، وغيرها من الأحداث من دون الخروج عن التقليد السائد في أعمال مماثلة. ويُفترض أن يستمرّ صراع الخير والشر التقليدي بين قطبَي النزاع أبو العزّ (عباس النوري) وطبنجة (فادي صبيح). أما غازي (خالد القيش)، فهو السلطة المتسيّدة برداءة أخلاقها، فيما يلعب محمد حداقي (أبو الأحلام) دوراً جوهرياً في ردّ الحق لأهله ووضع الأمور في نصابها، باعتباره من أهل الخير وأصحاب الكرامات الذين يُخشى جانبهم، خصوصاً ممن باعوا ضميرهم وارتضوا بالوضاعة في سلوكياتهم!
وهذا الموسم، يحضر «الكندوش 2» (كتابة حسام تحسين بيك ـ إخراج سمير حسين ــــ بطولة: أيمن زيدان، سلاف فواخرجي، شكران مرتجى، أيمن رضا، كندة حنا، صباح الجزائري، سامية الجزائري، حلا رجب، هافال حمدي، وهمام رضا ــــ «الظفرة» وLBC، «سوريا دراما»، و«لنا»). قدّم المسلسل، في جزئه الأوّل، دراما خاوية تماماً من الحدث. تدور الشخصيات بلا حكاية واضحة، أو تصعيد درامي كلاسيكي بمنطق التشويق. ويذهب للمراهنة على اقتراح شكل جديد للمسلسل الشامي، يواكب فيه الحقيقة السائدة آنذاك، ويكشف التباين الذي كان قائماً في المجتمع الضيّق، ويمرّن المتلقي على التعافي من عنتريات وسحب الشبريّات والصراخ والعويل والأداء الخارجي. لكنّه مُني بحملة شرسة وأحكام مستعجلة من دون مبررات التجربة الأولى للشركة السورية الجديدة. لكنّ صنّاعه يعدون بأن تكون أحداث الجزء الثاني، أكثر تشويقاً مع شدّ تصاعدي نحو ذروات متتالية.
على المنوال ذاته، كانت شركة «قبنّض» قد أجّلت عرض الجزء الثاني من مسلسلها «بروكار» (كتابة الراحل سمير هزيم ـ إخراج محمد زهير رجب ـ بطولة: سعد مينه، فاديا خطّاب، زهير رمضان، قاسم ملحو ونادين خوري). العمل الذي سيُعرض على nbn، و«المنار»، ومنصّة «ويّاك» وغيرها) لم ينجح في شق طريقه إلى الشاشات خلال العام الماضي ليجد مكانه هذا العام، إذ يحكي عن حادثة تاريخية لها علاقة بمحاولة أحد المهندسين الفرنسيين سرقة هذه الصناعة والخروج بصنعة بديلة للقضاء على الإنتاج الوطني المحلي في أربعينيات القرن الماضي. يجرّب المسلسل إضفاء جرعات تشويقية على خلفية المحور الجوهري للحكاية من خلال جرائم قتل متتالية تدور خيوطها على خلفية الحدث الرئيس، وتصفيات لضبّاط فرنسيين!
يستعيد «بروكار» حادثة تاريخية عن محاولة أحد المهندسين الفرنسيين سرقة هذه الصناعة في أربعينيات القرن المنصرم


كذلك سيحضر هذا العام «باب الحارة 11» (كتابة مروان قاووق ــ إخراج محمد زهير رجب ـ إنتاج «قبنض» ـ بطولة: فاتح سلمان وزهير عبد الكريم ــ nbn، «الشاهد» الكويتية، «الريّان» القطرية، «الرابعة التونسية، ومنصّة starzplay). المسلسل استمرار للأحداث التي قلبت رأساً على عقب بعد امتلاك «قبنّض» للتجربة واعتذار معظم نجومه عنه، ويروي صراعات بسيطة في حارة شامية في محاولة أن تكون كفة الخير هي الراجحة في النهاية.
تعثّرت شركة «غولدن لاين» (ديالا ونايف الأحمر) في التسويق هذا العام، رغم ما عُرف عنها من اكتساح للسوق في كل المواسم السابقة. لكن حال مسلسلها «جوقة عزيزة» ليس بخير تسويقياً، إذ لم تعلن سوى «روتانا» عن عرضه. والعمل (تأليف خلدون قتلان ـــ إخراج تامر إسحق ــ بطولة: نسرين طافش، سلّوم حداد، هبة نور...) يُقدّم استعراضياً غنائياً في قالب شعبيّ وبيئة دمشقية. حكاية تنقلنا إلى سنة هامّة من سنوات الانتداب الفرنسي، وإلى مكان منسيّ في دمشق. أحداث متخيلة في شارع محدد بالاسم، أسهم في إحياء الحركة الفنية في دمشق في تلك الفترة. إذاً، نتابع فرقة عزيزة ومسرحها المتّقد بالمواهب الغنائية والتمثيلية والراقصة وصراعها مع منافسين في المجال نفسه في تلك الحقبة الزمنية.