الشروط التي فرضها انتشار الوباء عام 2020 أجبرت منظّمي مهرجان «ارتجال» على الاكتفاء بدورة مصغّرة في تشرين الثاني (نوفمبر) مع فنانين محليّين بمعظمهم وضيف واحد من الخارج، تخلّلتها بعض الحفلات التي بُثّت عبر الإنترنت. ولكن حتى في هذه الحفلات، كان الجمهور حاضراً وإن بأعداد ضئيلة. فبدلاً من أن تكون تلك الدورة احتفالاً بمرور 20 عاماً على إنشاء المهرجان، نُظّم الحدث في غير تاريخه الاعتيادي، وكان عبارة عن حدث مقتضب، اعتبره مؤسّسوه إنجازاً رغم كل شيء. في عام 2021، كان التنظيم أسهل، بما أنّ العالم كان قد بدأ يتأقلم مع الوضع الجديد وأُقيم في أيلول (سبتمبر). أما اليوم، فيعود المهرجان إلى المرحلة الاعتيادية بزخم وأمل جديدين.
ملصق الدورة 22

في حديث مع شريف صحناوي، أحد مؤسّسي المهرجان، يوضح لنا أنه يحاول إعادة بناء فريق جديد: «أمور كثيرة تغيّرت. فقد غادرنا عدد من الفنانين والتقنيّين والمنظّمين وهاجروا إلى الخارج. هو أمر محزن لكننا في الوقت عينه نتفهّم من هو مضطر للمغادرة. بدأنا صفحة جديدة سنكتشف من خلالها ما الذي لا يزال بإمكاننا فعله. نحاول العودة إلى فترة 2019 وما قبل».
يعتمد المهرجان بشكل كبير في دورته الـ22 هذه على الشركاء الذين رافقوه في السنوات السابقة للعام 2019 وينضم إليهم أيضاً شركاء جدد، من بينهم مهرجان في أثينا اسمه Borderline ومهرجان جديد في قبرص اسمه Breach، إضافة إلى مجموعة Frequent Defect من لبنان، وأشخاص عمل المنظّمون معهم في السنوات الماضية وأحبّوا التعاون معهم مجدداً للمهرجان.
على مدى أربعة أيام، سيقدّم نحو 40 فناناً في فضاءات مختلفة في لبنان، عروضاً موسيقية متنوعة تنتمي بشكل خاص إلى تلك الإلكترونية. لا يحب صحناوي إعطاء أهمية لفنان على حساب آخر، فالجميع في نظره متساوون من هذه الناحية. هناك مَن يعود وبات من أهل البيت كما هناك مشاركون جدد، فضلاً عن تبادل الفنانين بين «ارتجال» وشركائه.

آية متولّي


بايد كونكا

ويُشير إلى حفلة «قد تكون أكثر ثقلاً من البقية» هي الأمسية الختامية من المهرجان التي ستُقام في الثالث من نيسان (أبريل) مع مجموعة «فويس أفيرز». فرقة تضمّ أصواتاً بارزة من ألمانيا تقدّم موسيقى معاصرة ضمن مشروع أطلقه «ارتجال» عام 2018، يقضي باستقطاب موسيقيّين لبنانيّين ومن المنطقة ليؤلفوا لهذه الفرقة. كانت الثمار الأولى لهذا التعاون العام الماضي خلال حفلة موسيقية. وهي المرة الأولى التي سنرى فيها في لبنان نتيجة هذا العمل الذي شارك في تأليف موسيقاه عدد من الفنانين اللبنانيين أمثال يمنى سابا وسينتيا زافين ورائد ياسين وغيرهم.
على غرار الدورتَين السابقتَين، جميع الحفلات التي يقدمها المهرجان مجانية، وهذا ما سيسهّل عملية جذب الجمهور. في هذا الصدد، يؤكّد صحناوي: «هذا ما تبقّى للبنانيّين في مكان ما. حتى الآن، نعتمد هذه السياسة. هناك دعم من شركاء وتعاطف الناس الذين يحاولون مساعدتنا للاستمرار. لا نملك التمويل الذي نحتاج إليه، لكننا نحاول أن نتدبّر أمورنا. ليس أمامنا حل آخر. والأمر ينجح. ففي الدورة السابقة التي أقيمت في أيلول الماضي، كانت الحفلات ممتلئة واضطررنا في بعض الأحيان إلى رفض المزيد من الأشخاص. هناك جمهور واسع وهو بحاجة كبيرة إلى فن وثقافة وإلى تغيير الأجواء».
الأمسية الختامية تضمّ أصواتاً بارزة من ألمانيا تقدّم موسيقى معاصرة


تنظيم الدورة 22 للمهرجان بعد مرور ستة أشهر فقط على الدورة الأخيرة، يهدف إلى إفساح مجال أكثر بين هذه النسخة ودورة السنة المقبلة، فيتسنّى للمنظّمين الإعداد طوال عام كامل للدورة 2023. يدرك صحناوي أنّ الأمور تتغير بسرعة في لبنان، لكنه يتأمل رغم كل شيء «أن تذهب الأمور في اتجاهات إيجابية. نترقب لنرى ما سيأتي، ولكن من المؤكد أنّ هناك أفكاراً عدة نعمل عليها للدورة المقبلة»

* «ارتجال»: بدءاً من اليوم حتى 4 نيسان (أبريل) ـــــ فضاءات «أشكال ألوان»، وMkalles Warehouse و«مركز بيروت للفن»، وThe Ballroom Blitz