دمشق | طوال العقد الأخير، وضحى الدبس تقدم أدوار الأم في الدراما السورية، وتحاول قدر استطاعتها «الابتعاد من نمطية تلك الأدوار» عبر تحميل الشخصيات النسائية التي تؤديها مواقف، تريد القول من خلالها للمرأة: «القوّة تمنحك الحياة... وينبغي لك عدم الاستكانة لقدرك». الأم السورية هي الأكثر معاناةً اليوم جرّاء الحرب التي تشهدها البلاد، وأكثر ما تحرص عليه هو إبعاد أولادها عن المأساة. وكذلك تبدو اثنتان من الأمهات اللواتي تجسد الدبس شخصيتيهما في موسم دراما 2014.
بعد «الانتظار» و«الخربة»، تقف الممثلة السورية مجدداً أمام كاميرا المخرج الليث حجّو في «الحقائب/ ضبّوا الشناتي» (تأليف ممدوح حمادة ـ إنتاج «سما»). تؤدي هنا دور «فيحاء» أمام بسّام كوسا الذي يجسّد دور «خليل». هما والدا أسرة سورية، تتنازع خيارات البقاء في البلاد، أو الرحيل عنها بسبب ظروف الحرب، ضمن إطار من الكوميديا السوداء، تطغى على المواقف التي تشهدها العائلة في يومياتها وسط الأزمة. ينتهي بها المطاف إلى «حقائب» تبقى خلف الباب في انتظار الرحيل المعلق، كما هي حال معظم السوريين اليوم.
في ما يتعلق بملامح شخصيتها، توضح الدبس لـ«الأخبار»: «فيحاء هي الأم التي تجمع كل العائلة. حنونة تحب أسرتها، وتشكّل عقدة البيت باعتبارها تملك المنزل الذي يجمع العائلة. في المقابل، تقف أمام مجموعة متناقضات، فلكلٍ واحدٍ من أسرتها انتماء، وطريقة في التفكير، لكنّها تنظر إليهم جميعاً على أنهم أبناؤها، وهم يمكن أن يمثلوا شرائح مختلفة من المجتمع السوري فرزتها الأزمة».

الأزمة حاضرة
في مسلسلها
«الحقائب»، وخماسية «استعداد للرحيل»

وحول أسلوب الأداء في «الحقائب»، وما إذا كان سيُبنى على «كاركتيرات» يلعبها الممثلون، كما في أعمالٍ سابقة جمعت حمادة والمخرج حجو، تشرح الدبس: «المسلسل يضع ما يحدث في سوريا تحت المجهر، من دون أن يقدّم حلاً، أو فكرة عن الحل. اتفقنا مع المخرج الليث حجّو، ألا نعمل على بناء كاركتيرات. ما يراه المشاهد في «الحقائب» سيكون حقيقياً جداً من جانب الممثل، في حين يبدو الموقف هو «الكاراكتير»، وليس مطلوباً منك كممثل إلا أن تكون على حقيقتك.» وتشير الدبس إلى نقلة وصفتها بالـ «الفظيعة على مستوى اللغة المستخدمة في الحوار في الدراما السوريّة. يظهر ذلك في الكلمات التي تتفوه بها شخصيات «الحقائب»، حيث اقتحمت لغتنا اليومية مفردات أفرزتها الأزمة». وتضيف أنّ اسم المسلسل «جميل جداً»، معلّقةً: «أتحداك أن تذهب إلى بيت أي سوريٍ اليوم، ولا تجد فيه حقيبةً جاهزة خلف الباب للطوارئ».
الأزمة والحقائب حاضرتان أيضاً في دورٍ آخر تؤديه الدبس لموسم دراما 2014. تجسد شخصية الأم الحريصة على مغادرة ولدها الوحيد للبلاد، خوفاً عليه من الحرب، بالتزامن مع «أخبارٍ عن عدوانٍ أميركي مرتقب على دمشق» في خماسية «استعداد للرحيل» التي كتبها عمر الشيخ، وأخرجها وسيم السيد ضمن خماسيات مسلسل «الحب كله». في المسلسل ذاته، شاركت بخماسية «نصر» (تأليف فادي زيفا وعبد المجيد حيدر، وإخراج زياد جريس الريّس). كما لعبت دوراً في «أضواء وهمية» (تأليف ناديا الأحمر، وإخراج تامر إسحاق) وهي إحدى خماسيات «صرخة روح2». تبدو الدبس مرتاحةً للمشاركة في أعمال مؤلفة من خمس حلقات: «كلما قلّ عدد الحلقات، كان ذلك أفضل لي، رغم أنه يتطلب جهداً مضاعفاً لإبراز الشخصية التي تقدمها كممثل».
المسلسلات الشاميّة حاضرة أيضاً على قائمة أعمال الدبس لهذا الموسم. تلعب دور «أم نذير» في «بواب الريح» (تأليف خلدون قتلان، وإخراج المثنى صبح، إنتاج «سما»). تصف دورها بـ «الجديد» مقارنةً بما قدّمته خلال مسيرتها. إذ تجسد الشخصية التي تجمع أهل الحارة، وتحاول أن تكون معطاءة معهم على اختلاف مكوناتهم الاجتماعية، وتنذر أن تضع مجوهراتها كل «عرايس الشام»، بعد الحكم على ابنها الوحيد بالإعدام.
تشير الدبس إلى أنّها تخوض تجربة، لم تعشها منذ زمنٍ بعيد على مستوى العمل الجماعي في مسلسل «طوق البنات» (إخراج محمد زهير رجب، عن نص مشترك لأحمد حامد ورجاء الشغري، إنتاج «قنبض»). تلعب دور «أم عماد» مدّبرة المنزل التي تسهم في تغيير وجهة نظر «الكولونيل فرانس» تجاه الشام، ليتحوّل من جنرالٍ فرنسي أرسلته سلطات الاحتلال ليبطش بأهلها، إلى عاشقٍ محب. تقول: «سرنا في هذا العمل باتجاه ما نطالب به حالياً أنّه ليس عليك أن تحارب عدوّك دائماً بالسلاح. لماذا لا تعمل على تفريغه من الحالة العدوانية التي يكنّها لك ما تحمله من إنسانية وصفاء في روحك؟ هذا الخط أصبح الحامل الفكري للمسلسل ككلّ».

«الحقائب/ ضبوّا الشناتي» على قناة «سما» في رمضان
«طوق البنات» على «المستقبل» «الحب كله» على التلفزيون السوري




ابنتها أمل عرفة

يقدّم «الحقائب/ ضبوا الشناتي» ضحى الدبس في عمر الـ 65، أي أكبر بـ 13 سنة من عمرها الحقيقي. سيتم اللجوء إلى الماكياج لتكبيرها، في حين سيتم تصغير بعض الممثلين الذين يؤدون أدوار أولادها كأمل عرفة التي أدت دور ابنتها في «رفة عين» (2012) أيضاً. تعلّق الدبس التي جسّدت أول أدوارها التلفزيونية في مسلسل «شجرة النارنج» عام 1989: «ليس لدي مشكلة مع هذا الموضوع. منذ عشر سنوات، وأنا أؤدي أدواراً أكبر من عمري، ولديّ قناعة بأنه حين يتبنى الممثل شخصية، ويصدقها، سيصدّقه المشاهدون. المهم أن أعيش الشخصية».