تعقيد العلاقات العاطفية يشكّل موضوع مسرحية «خدوا نفس!» (نص مبنيّ حول مجموعة نصوص لبرت أبي خليل، إخراج عبده النوار ــ كتابات إضافية: غبريال القيصر، شربل البحري، فؤاد مراد وعبده النوار ــ تمثيل: شربل البحري، غبريال القيصر، فؤاد مراد وبرت أبي خليل) التي تُختتم اليوم في مسرح «دوار الشمس» (الطيونة ــ بيروت). العرض الذي يتألّف من مجموعة لوحات كوميدية منفصلة، يعتبر أنّ الرجل هو أساس المشكلة! فهناك الشاب الذي لا يستمع لبوح حبيبته ومشاكلها وتعبيرها عن حبّها له، وهناك المتهرّب من مسؤولية الارتباط والعلاقة الجدية مستغلاً الفتاة ومشاعرها، فضلاً عن ذلك الذي يُخفي عن حبيبته حقيقة زواجه من أخرى. بعدها، ينتقل العمل بمشهد عن تعقيد علاقة الشباب مع أهلهم، إلى بحث عن سبب المشكلة، لينتهي ببوح إحدى الشخصيات بأنّها سئمت الرجال وأن حياة المرأة الحرة صعبة للغاية، مختتمة حديثها بأنّ الرجل «صبّاط».
ينقسم «خدوا نفس!» ما بين المشاهد التمثيلية التي تغلب عليها السطحية والمبالغة والمباشرة التي تتداخل مع تعليقات للشخصيات لا تضيف شيئاً إلى المعنى ولا تنقل المشهد من مستوى شعوري إلى آخر إدراكي كما يُفترض به أن يفعل في هذا الأسلوب الإخراجي البريشي المختار، وبين المشاهد التي تتوجّه إلى الجمهور بشكل مباشر لتروي بعض القصص كاسرةً الجدار الرابع ومُدخلة الجمهور في بعض المشاهد عبر محادثته بشكل مباشر وطرح أسئلة عليه وإقامة حفلات عيد ميلاد غير مفهومة وخارجة عن السياق تماماً.
كان فضاء العرض فارغاً، إذ اعتمد المخرج على الممثلين فقط لملء الفراغ المسرحي، لكنّ الأداء كان يميل إلى المبالغة والمجانية في سبيل الإضحاك، كما أنه غير مقنع في المشاهد الجدّية في الذروة التي يفترض أن تعبّر المرأة فيها عن ذاتها ومشكلاتها ووعيها الذاتي.
جاء الطرح المسرحي لموضوع العلاقات ومشكلة المرأة سطحياً ونمطياً بالنسبة إلى المرأة والرجل، وشاركت كل عناصر العرض في هذا الطرح المجاني: من النص الذي قدّم شخصيات وصراعات نمطية خالية من أي تعقيد، إلى الأداء الذي سعى إلى الإضحاك المجاني متخلياً عن أي معنى قد يورّط المتلقّي بالثيمة أو في صراعات ومشكلات الشخصيات، إلى الإخراج الذي اعتمد على أسلوب ملحمي لا يقدّم الحكاية أو الممثلين بمستويات أعمق مما تبدو عليه.
هنا، تبرز إلى الواجهة أسئلة حول أهمية طرح هذا الموضوع اليوم في ظلّ كل ما يحدث، وعن دور المسرح وحرية الفنان لناحية طرح الخطاب والموضوع الذي يريده. فعلى المسرحي أن يدافع عن ثيمته بصناعة جيدة وطرح مقنع. ألم يكن بإمكان العرض الذهاب إلى مناقشة خراب الذات البشرية في هذه المنطقة غير القادرة على الحب، أو طرح مشكلة المرأة في علاقاتها العاطفية داخل مجتمع ذكوري من دون تنميط لثنائية الذكر الحقير والمرأة المظلومة التي تسطّح خطاب الدفاع عن حرية المرأة؟ ألم يكن القائمون عليه قادرين على تقديم صناعة جيدة وكوميديا أفضل، إذا تحمّلوا مسؤولية الثيمة وصناعة المسرح أكثر مما حدث؟

«خدوا نفس!»: اليوم السبت ــ الساعة الثامنة مساءً ــ مسرح «دوّار الشمس» (الطيونة ــ بيروت). للاستعلام: 01/381290