«كان المنتج اللبناني يُصاب بنوبات هلع قبل أيام من حلول شهر رمضان، بسبب إحساسه بعدم القدرة على اللّحاق بالسباق. في كل مرة، كنّا نوصل الليل بالنهار لاستكمال التصوير وبيع العمل للقنوات. لكن الوضع مختلف كلياً، فلا دراما هذا العام». بهذه العبارات، يصف أحد العاملين في القطاع الفني حال الموسم الدرامي الرمضاني. على مدار سنوات، كان المشاهد يجد نفسه خلال رمضان أمام «بحر» من المسلسلات المتنوعة بعدما أجاد صنّاع الدراما اللبنانيون تثبيت شهر الصوم على أنه موسم درامي صرف. لكن في رمضان 2022، تكسر الشاشات اللبنانية القاعدة، مجبرةً على ذلك. هذه المرة لم تلعب الأزمة المالية التي تتعلّق بارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية، دوراً أساسياً في تغيير المعادلة الرمضانية، بل إنّ السبب عائد إلى الانتخابات النيابية المنتظرة في شهر أيار (مايو) المقبل. فالاستحقاق يحلّ هذا العام على بُعد أسابيع قليلة من رمضان، ما أدّى إلى شبه اختفاء للخريطة الدرامية، التي حلّت مكانها البرامج السياسية.
في هذا السياق، يحلّ رمضان مطلع شهر نيسان (أبريل) المقبل، بينما الانتخابات النيابية ستكون على بعد أيام قليلة من عيد الفطر (منتصف شهر أيار). على أن تشتدّ وتيرة الصراع الانتخابي كلما اقتربنا من شهر أيار، وهو الموعد الحاسم للحدث. لذلك ستنشغل القنوات بالانتخابات واستضافة المرشّحين والترويج لهم لقاء مبالغ مالية، على أن تخرقها مسلسلات رمضان بنسبة ضئيلة. هكذا، سيكون رمضان هذه السنة شهر المنافسة السياسية بامتياز!
في هذا السياق، تلفت المعلومات لنا إلى أن المحطات اللبنانية ستكتفي بعرض عمل أو اثنين فقط، مع تعزيز الحوارات السياسية طيلة الليل والنهار. وتخصّص فترة ما بعد نشرة الأخبار المسائية لعرض مسلسل سيكون المحور الأساسي بالنسبة إليها، لتتفرّغ برمجة النهار للسياسة على اختلاف أنواعها من البرامج إلى الحوارات، وكذلك نشرات الأخبار الخاصة بالانتخابات.
من هذا المنطلق، تُجمع غالبية القائمين على القنوات اللبنانية على عدم اهتمامهم بالدراما الرمضانية هذه السنة، مذكّرين بنتائج غيابهم العام الماضي عن السباق بسبب جائحة فيروس كورونا وتوقف تصوير المسلسلات. يعوّل هؤلاء على فترة الانتخابات والترويج للمرشّحين في مقابل عدم اكتراثهم بشراء الدراما التي تحتاج إلى دفع الـ fresh دولار، وهو الأمر الذي يرفضونه بسبب مأزقهم المالي.
في هذا الإطار، توضح المصادر لنا بأنّ lbci ستكتفي في رمضان بعرض مسلسلين: الأول سوري، مع بث مسلسل تركي مدبلج إلى اللهجة السورية، مقابل ضخّ المزيد من البرامج السياسية التي تدور في فلك الانتخابات. إذ تستعدّ المحطة لشراء المسلسل السوري «كسر عضم» (ﺇﺧﺮاﺝ رشا شربتجي وﺗﺄﻟﻴﻒ علي الصالح) الذي يصوّر حالياً في دمشق. كذلك، تتفاوض مع القائمين على منصة «صوت بيروت أنترناسيونال» التابعة لبهاء الحريري، لعرض برنامج المسابقات «أبو شفيق» الذي يقدمه وسام صباغ بالتوازي مع المنصّة. كذلك، تتحضر lbci لتقديم برنامج سياسي يعرض بعد الظهر، ليكون تكملة لسلسلة البرامج التي أطلقتها أخيراً وتدور في فلك السياسة. فقد بدأت lbci بعرض برنامجين جديدين: الأول «نُص المزح جدّ» الذي يقدمه الممثل ايلي متري كل سبت، على أن تطلق بعد غد برنامج «حوار المرحلة» الذي تتولاه رولا حداد وتستقبل في حلقته الأولى رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة. هذا ناهيك ببرنامج «20 30 رؤية لبنان» الذي يقدمه ألبير كوستانيان، ومروحة مشاريع تعرض بالتعاون مع جمعيات المجتمع المدني.
من جانبها، تخوض mtv السباق بمسلسلين مبدئياً، الأول هو «للموت 2» (نادين جابر وإخراج فيليب أسمر وإنتاج «إيغل فيلمز») الذي يجمع دانييلا رحمة وماغي بوغصن وغيرهما. والعمل الثاني لبناني بحت، كتبته غادة كلاس وينتجه مروان حداد وتلعب بطولته نوال بري وميشال حوراني. في المقابل، ستبقي القناة على برامجها السياسية الخاصة بالانتخابات، أبرزها «صار الوقت» (كل خميس) الذي يتولاه مارسيل غانم، إضافة إلى برامج أخرى.
لا يختلف المشهد في «الجديد» التي أطلقت أخيراً «عالبرنامج» لنانسي السبع، و«بتفرق ع وطن» لسمر أبو خليل، وتركّز على برنامج «وهلق شو» الذي يتولاه جورج صليبي. كما تحضّر لنشرة أخبار خاصة بالانتخابات، وتبحث في عرض برنامج رابع ستعلن عنه قريباً، فيما تخصّص برمجة «لايت» في رمضان تعرض فيها مسلسلين فقط. على الضفة نفسها، تشهد قناة «المنار» زحمة برامج انتخابية سيتزامن عرضها مع شهر رمضان. تكشف المعلومات أن منار صباغ ستطلّ مرتين أسبوعياً في برنامج خاص سيكشف عن اسمه قريباً، لتعالج ملفات تدور في فلك الفساد. وتوضح المعلومات أنّ حلقات العمل، ستستند إلى كتاب «الفساد والقضاء» الذي سيصدره النائب حسن فضل الله قريباً. كما تبحث المحطة في إبقاء عرض برنامج «بانوراما اليوم» في شهر الصوم.
ستكتفي المحطات اللبنانية بعرض مسلسل أو اثنين فقط


كذلك صوّرت «المنار» أمس حلقة تجريبية من برنامج «حديث الساعة» الذي يتولاه عماد مرمل. صحيح أن العمل يُعرض منذ سنوات على المحطة، لكنه سيرتدي حلّة الانتخابات بديكور ومشاركة مع قبل الجمهور في الاستديو. كذلك، تتحضر القناة لعرض فقرات خاصة بالانتخابات ضمن نشرة الأخبار وستنطلق قريباً تزامناً مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي.
وتواصل otv برمجتها الانتخابية التي أطلقتها قبل أسابيع، لتغيب عن السباق الدرامي بعدما قررت منذ سنوات التحوّل من محطة ترفيهية متنوعة إلى إخبارية. من بين البرامج التي تعوّل عليها: «مش قليل» للمخرج شربل خليل، و«ساعة الحقيقة».
من جانبها، لن توقف nbn برامجها السياسية، بل تواصل عرض «نحو البرلمان» (كل إثنين ـ تقديم أمل الحاضر) وتبقي على برنامجها الصباحي «السياسة اليوم» لفتح ملفات الانتخابات. أما في رمضان، فستكتفي بعرض مسلسل «باب الحارة» وباقة من المشاريع القديمة.
باختصار، تخلط الانتخابات النيابية ورقة برمجة الشاشات المحلية، لتطغى السياسة على مشاهد الغرام والانتقام طيلة شهر الصوم. هكذا، تخرج القنوات من دائرة المنافسة التي كانت تتصارع فيها على نسب المشاهدة لمسلسلاتها، لتتفرّغ لأخبار المرشّحين والدوائر الانتخابية.