القاهرة | بالطبع، لن يتوقّف مؤيّدو الإجراءات الأمنية التعسفية في مصر عند هذا التناقض. قبل أيام، أكّد آخر التقارير الرسمية أن حالة عبد الله الشامي (الصورة) مراسل «الجزيرة» جيدّة. لكن قبل 48 ساعة، أصدر النائب العام هشام بركات قراراً بالإفراج عن الشامي مع 12 متهماً «لظروفهم الصحية» وفق بركات، على أن يبقوا في مصر على ذمّة المحاكمة التي لم تبدأ منذ القبض على الشامي في آب (أغسطس) الماضي. طرح العديد من الصحافيين والمراقبين سؤالاً لن تجيب عنه الحكومة المصرية بالتأكيد: ما الذي أفادته مصر باعتقال الشامي الذي خاض مع أسرته ومع قناة «الجزيرة» حرباً إعلامية ضروساً للحصول على الحرية؟ مراسل لقناة تلفزيونية لم تعد مرغوبة في مصر، يتمّ القبض عليه خلال أحداث فضّ اعتصام رابعة (14 أغسطس 2013) وتطارده اتهامات العنف، والتخريب، والحضّ على مقاومة السلطات. خروج المراسل أثلج صدور كثيرين احتفوا بالحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بمن في ذلك إعلاميون محسوبون على النظام الحالي في مصر مثل عمرو أديب، ربما إيماناً بأن معاملة الصحافيين مهما كانت انتماءاتهم السياسية لا يمكن أن تنحدر إلى المستوى الذي واجهه الشامي.
الأخير أضرب عن الطعام أكثر من 130 يوماً، أي نصف المدة التي تعرّض فيها للاعتقال. وكانت الجهات الأمنية قد خاضت حرباً معكوسة للتخفيف من الضغط الذي سبّبه صمود الشامي، إذ تمّ تسريب صور له وهو يتناول أطعمة خفيفة. قالت أسرته لاحقاً إنّ ذلك يتمّ تحت الضغط، وإن الشامي يتلقى العلاج داخل مستشفى السجن، ولا بدّ من نقله إلى مستشفى خارج الأسوار. هذا الأمر رفضته وزارة الداخلية طويلاً، قبل أن يؤكّد النائب العام المصري كل ما يُقال عن حالة الشامي الصحية و12 آخرين أُفرج عنهم أول من أمس بالقرار المذكور.
حتى الآن، لم تبدأ إجراءات محاكمة الشامي ورفاقه في التهم الموجّهة إليهم، بينما يتخوّف المقربون من مراسل «الجزيرة» من أن تظلّ القضية معلّقة في مرحلة التحقيقات، ما يجبره على عدم السفر أو التحرّك بحرية. في اليوم نفسه، أجّلت محكمة جنايات القاهرة الحكم على صحافيي «الجزيرة الإنكليزية» الثلاثة: بيتر غريستي، محمد فهمي وباهر محمد إلى 23 الجاري. ويحاكم هؤلاء في القضية المعروفة باسم «خلية الماريوت»، حيث تتهمهم السلطات المصرية بالتواصل مع أعضاء جماعة محظورة قانونياً، إذ كانوا يستضيفون منتسبين لجماعة الإخوان لإجراء لقاءات إعلامية معهم لـ«الجزيرة الإنكليزية» في مقرّهم في فندق «الماريوت» في القاهرة، فتم إلقاء القبض عليهم في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وقدّمت هيئة الدفاع عن الصحافيين الـ 3 مستندات جديدة تضم أدلة براءة، بينها تصريحات رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي الذي قال فيها إن قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين سياسي وليس قانونياً.