من جهة أخرى، لا يُخفي غطاس مخاوفه وعدم قدرته على النظر بعيداً جداً في الوقت الحالي. فهذه الأمسية ستكون الأولى من بين مجموعة حفلات آتية. «هي بمثابة تجربة لنرى كيف ستجري الأمور مع كل المصاعب المحيطة. نركّز حالياً على إنجاز حفلة جميلة في ظروف جيّدة يحضرها الناس ويستمتعون باللحظة. ثم نرى النتيجة بعد ذلك». ويُضيف: «لطالما كان تنظيم حفلات «ليبان جاز» منذ بداياته قبل نحو 20 عاماً صعباً. لا أذكر حفلة واحدة كان إنجازها سهلاً. لكن اليوم ما أريد أن أعرفه هو كيفية التعامل مع الأمور وترقّب التالي. لم نعدّ خطّة للمستقبل. اتّبعنا رغبتنا في تنظيم حفلة. وبدعم من المعهد الثقافي الإيطالي، تمكّنا من ذلك».
من ناحية أخرى، لم يتوقّع غطاس ردود الفعل الإيجابية التي تلقّاها لدى الإعلان عن حفلة باولو فريزو: «كان الجمهور متفاعلاً ومتحمّساً. تأثرت بذلك جداً. بدأ أشخاص جدد أيضاً بمتابعة صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي وعددهم يزداد يوماً بعد يوم مع رسائل مشجّعة جداً. من يعرفوننا، متحمّسون للعودة وكذلك الآخرون متشوّقون لاكتشاف «ليبان جاز» الذي على الرغم من تسميته مهرجاناً هو في الواقع حدث تُنظّم في إطاره أنشطة ثقافية وحفلات موسيقية متفرقة».
هناك الكثير من الخطط والفنانين المتحمّسين للعودة إلى لبنان (ك. غ)
إذاً، الأمسية هي الاختبار الأول يستضيف خلالها المهرجان صديقاً له، شارك فيه بأشكال مختلفة في الماضي. هو كان على أيّ حال آخر الفنانين الذين قدّموا عرضهم فيه قبل التوقّف. هذه المرة، يعود عازف الترومبيت والمؤلف الإيطالي ضمن فرقته «باولو فريزو تريو» مع ريبرتوار جديد تماماً. سيعزف مؤلفات جديدة كما يقدّم عدداً من المقطوعات التي تشكّل تحية لكبار الجاز وألحاناً معروفة جداً، ويعدنا بنسخة جديدة من My Blue Valentine لم نسمعها من قبل.
في ما يخص الحفلات المقبلة، يقرّ غطاس أنّ «هناك الكثير من الخطط والفنانين المتحمّسين للعودة إلى لبنان. يفهمون وضع البلد ويشاركوننا وضعنا وألمنا. كلّما تحدّثت معهم، كانت ردّة فعلهم إيجابية جداً. الأمر مذهل، ولكن هذا البلد يوقظ الرغبة على الرغم من الوضع الذي هو فيه. الناس يحبونه ويرغبون في المجيء إليه. وكان باولو جاهزاً والشروط مكتملة لكي يكون هو من يؤدي في الحفلة الأولى. ولكنّ فنانين كثراً يرغبون في المجيء أيضاً لتقديم الحفلات للجمهور اللبناني الخاص والعزيز على قلوبهم».
في المقابل، وقبل أن يكون منظّم الحفلة ومنتجاً، الفكرة من العودة إلى لبنان والمشهد الفني، هي «الصمود وعدم الاستسلام ومنح الأمل، وهذا ما يحثّنا على المتابعة. أنا في لبنان منذ أسبوع وألاحظ صعوبات العيش هنا وكذلك العاطفة التي يخلقها فينا البلد وتحثّنا على إعطاء المزيد. هو شعور غريب. عندما غادرنا، قالت لي زوجتي إنّ هذا البلد أعطانا الكثير، فكنت أجيبها أنه أخذ منا الكثير أيضاً. الحسابات غير مجدية في وضعنا هذا. علينا اتّباع ما يمليه علينا احساسنا فقط. ومن جهتي، أشعر أنني ما زلت أرغب في أن أعطي هنا وهذا شيء بداخلي لا يمكنني محاربته. جميعنا كلبنانيّين نملك شيئاً في داخلنا يمنعنا من ترك البلد لأنه يجري في عروقنا. لا يمكننا التخلّص منه. لم أولد هنا وأتيت إلى لبنان عندما كنت في الـ23 من عمري. وعلى الرغم من هذا أملك تجاهه حباً فائقاً». على أي حال، لم تكن هناك يوماً خطط اقتصادية أو مستقبلية للمهرجان ولطالما عمل غطاس بالطريقة نفسها المتّبعة في الماضي. وكانت الأمور تنجح أحياناً كما كانت تفشل في أوقات أخرى كما يعترف، مضيفاً: «كنا نعضّ على الجرح ونُعيد الكرّة. هذا ما علّمنا إياه البلد ربما. طوال عشرين سنة في لبنان، وفي كل مرة كنت أنجز فيها حفلة، حتى عندما كانت ناجحة، كنت أنجزها كأنها ستكون الأخيرة. أمسية باولو فريزو عام 2020 كانت الأخيرة قبل استراحة. وأتأمّل ألا تكون تلك القادمة أيضاً الأخيرة. الأمور كانت صعبة في العالم كلّه بسبب الوباء، ولكن لم تكن نهاية الحفلات الموسيقية. باتت هناك لحظات استراحة خصوصاً في الشتاء. أما اليوم، فالعالم كله يعود ومعه المهرجانات».
أمسية «باولو فريزو تريو»: س: 20:00 مساء غدٍ السبت ــــ «ميوزكهول» (ستاركو) ــــ للاستعلام: 01/361236 ــــ الحجر في مكتبات «أنطوان»