دمشق | في عام 2012، أطلقت «المؤسسة العامة للسينما» «مشروع دعم سينما الشباب» بعشرة أفلام قصيرة، زاد عددها إلى 25 عام 2013، ليصبح 30 هذا العام (تشمل منحة الفيلم الواحد معدّات التصوير وفنيين وحوالى 2000 دولار). أخيراً، أتيحت للجمهور فرصة مشاهدة الأفلام المنجزة مجاناً بإطلاق «مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة الأول» أمس حتى 21 الحالي في «مسرح الدراما» في دار الأوبرا الدمشقية، تزامناً مع اليوبيل الذهبي للمؤسسة التي انطلقت عام 1963.
39 فيلماً قصيراً يتضمّنها البرنامج الموزّع على ثلاثة مواعيد يومياً (12ــ 2.30 – 4.30 بتوقيت دمشق)، تنقسم إلى 33 فيلماً حاصلاً على منحة المشروع ضمن المسابقة، و6 أفلام من إنتاج المؤسسة بشكل كامل خارجها، بمعدّل عرضين لكل شريط. لجنة التحكيم تضمّ الكاتب والمخرج محمود عبد الواحد، المخرج غسان شميط، الممثلة ديمة قندلفت، الكاتبة ديانا فارس والمخرج جود سعيد الذين سيعنون في «تقييم الأعمال المشاركة واختيار أفضل ثلاثة منها لتنال جوائز مادية وفنية»، كما قال مدير «المؤسسة العامة للسينما» محمد الأحمد في مؤتمر عقده في مناسبة المهرجان. أيضاً سيتم تكريم عدد من أهل الفن والسينما هم: المخرج ريمون بطرس، الممثل أديب قدورة، المخرج الراحل حسن عز الدين، الموسيقي سمير كويفاتي، والممثلة سلمى المصري.
في حديثه لـ «الأخبار»، يؤكّد الأحمد أنّ «أزمة البلاد فرضت إقامة مهرجان سينمائي من دون ضيوف أو طابع احتفالي. نطمح لأن يكون نواة لمهرجان خاص بالفيلم القصير، على أن يصبح دولياً عندما تسمح الظروف»، كاشفاً عن «انتقال المهرجان إلى طرطوس مباشرةً بعد دمشق». لكن ماذا عن الأفلام الطويلة (12 فيلماً) التي أنتجتها المؤسسة خلال هذه السنوات؟ يجيب: «سنقيم تظاهرة خاصةً بها في آب (أغسطس) المقبل ضمن مسابقة صغيرة»، موضحاً أنّ «هذه الفعاليات ليست بديلاً من «مهرجان دمشق السينمائي» المتوقف حالياً بسبب الأزمة».

علي بوشناق
يحكي قصة شاب
لا يعترف بموت حبيبته في انفجار

تيمات متباينة تقترحها أفلام المسابقة التي تنوس بين الشخصي والعام، الفكري والجمالي، الوثائقي والروائي. ثمّة تفاوت في المستوى أيضاً، سواءً على صعيد النصوص أو في ما يتعلّق بالاشتغال السينمائي والسوية الفنية. عاماً تلو الآخر، تقترب المواضيع والمعالجات من الحرب التي تشهدها البلاد مباشرةً أو تلميحاً. سيمون صفية يحضر بفيلمين هما «جوليا» (16 دقيقة) عن معاناة فتاة عائدة من الخطف وتأثّر محيطها بذلك، و«ليش!» (8 دقائق) عن حبيبين يقرّران الزواج رغم رفض المجتمع والأهل و«اختلافات القشور» بينهما. نادين الهبل تقتفي فتاة تتلمّس إنسانيتها وسط الأحداث في «عشر دقائق بعد الولادة» (11 دقيقة)، و«التفاصيل التي تكوّننا في جدلية بين الوقت والحياة» في «سأكون يوماً» (12 دقيقة). وفي «حلي» (13 دقيقة)، يعرض حسام الشاه لأفراد «يحاولون صنع الجمال وربّما الفرح من مفردات الحرب»، فيما يدلي محمود إدريس بشهادة عن العنف بادئاً بالنهاية في «حياة بحجم خبر عاجل» (12 دقيقة). كذلك، نتابع شاباً لا يعترف بفقدان حبيبته نتيجة انفجار في «وبعد» (14 دقيقة) لعلي بوشناق، وفتاة رومانسية ترفض واقع سفر حبيبها في «هالة والملك» (15 دقيقة) ليارا سليمان.
تنويعات فنيّة وإنسانية واجتماعية وشخصية تبرز في اشتغالات أخرى. عاطلون عن العمل تجذبهم لعبة كرة قدم على الشاطئ في «أحلى من الغول» (10 دقائق) لدانيال الخطيب الذي يشارك أيضاً في «مو معقول» (10 دقائق) عن مدى صمود الحب بعد الزواج. التفكك العائلي نراه في علاقة شابة بوالدها في «ضجيج الذاكرة» (8 دقائق) لكوثر معرّاوي. العلاقة مع البحر والحيوان والطبيعة تحرّض مشاعر أنثوية وتأمّلات شخصية في كل من «رؤيا» (10 دقائق) لعوض القدرو، و«حلقة مفرغة» (17 دقيقة) لأيهم سلمان، و«سنلتقي يوماً» (8 دقائق) لمحمد علي. طفلة تمنح الأمل لمقاتل في «خطوة أمل» (8 دقائق) لفراس كالوسية، وأخرى تخرج طفلاً يعاني مشاكل في السمع من عزلته في «سما» (15 دقيقة) للمهند حيدر. في فلك العلاقات دائماً، نتابع علاقة التشكيلي الجدلية بفنّه في «تراك» (9 دقائق) لهيثم مسّوح، والعجوز بذكرياته في «لفافة تبغ» (10 دقائق) لرواد شاهين. كذلك، نتابع شخصاً يصارع الغرق فيستنفر رواد شاطئ معزول في «شايف البحر شو كبير» لعلي منصور. اللافت في بعض هذه الأفلام حضور نجوم من الدراما التلفزيونية الذين يتنازلون عن كثير من شروطهم المعتادة، وخصوصاً المادية، عندما يتعلّق الأمر بالفن السابع، فيما نجد أفلاماً جالت في مهرجانات دولية وحققت سمعة طيبة. في المحصلة، يتأمّل الجميع أن يفرز هذا المشروع أسماء قادرة على تحقيق قيمة مضافة ضمن المشهد السينمائي السوري، على أن تحظى بالدعم الكافي لذلك. في إطار مختلف، وبعد التغييرات السياسية في مصر، وتسلّم الناقد سمير فريد رئاسة «مهرجان القاهرة السينمائي»، عادت الحرارة إلى خطوط الهاتف بين القاهرة ودمشق. مدير «المؤسسة العامة للسينما» محمد الأحمد أكّد لـ «الأخبار» أنّ «الدورة المقبلة من مهرجان القاهرة (9 نوفمبر) ستشهد مشاركةً واسعة للأفلام السورية تماماً كما في السابق»، موضحاً أنّ «علاقة المؤسسة بقيت طبيعية مع مهرجانات أخرى مثل الرباط ومراكش ووهران، فيما لا تزال مضطربة مع مهرجانات أخرى مثل دبي وأبوظبي وترايبيكا الدوحة».



«مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة الأول»: حتى 21 حزيران (يونيو) ــ «مسرح الدراما» (دار الأوبرا، دمشق)
ـ http://afakcinemasy.com/index.php