«إنّها معركة السعي نحو التغيير»، عبارة ردّدها عبدو شاهين عند سؤاله عن أسباب ترشّحه على لائحة «لـ نقابة عصرية» التي تنخرط في معركة انتخاب مجلس جديد لـ «نقابة ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون». صباح الأحد المقبل الموافق فيه 20 شباط (فبراير) الحالي، ستشهد النقابة في منطقة بدارو (المتحف ـــــ بيروت)، معركة «كسر عضم» بين لائحتَين كاملتين. الأولى بعنوان «لـ نقابة عصرية» تضمّ 12 اسماً، والثانية يرأسها النقيب الحالي نعمة بدوي. في زمن يمرّ فيه لبنان بأزمات على كلّ المستويات، تشهد النقابة معركة انتخابية ترفع الكثير من الشعارات المطلبية التي تتعلّق بالأوضاع الاجتماعية والمعيشية للمنتسبين إليها. صحيح أنّ علاقة ودّ تجمع غالبية الممثلين المرشحين على اللائحتَين، لكن في العمق هناك فارق واضح بين الاثنين. فلائحة «لـ نقابة عصرية» تسعى لإدخال دماء جديدة إلى النقابة، تحت شعارات «الثورة والتغيير» التي وسمَت الكثير من المعارك الانتخابية التي شهدتها النقابات اللبنانية خلال الفترة الأخيرة. لو سألت أيّ ممثل لبناني عن توقعاته ومطالبه من النقابة، سيتوقّف عند بديهيات صارت أشبه بحلم مستحيل المنال في هذا البلد، على رأسها تأمين سنّ التقاعد والطبابة. إذ نسمع يومياً عن تراجع حالة بعض الممثلين الصحية وعدم قدرتهم على تأمين الأدوية، بل إنّ هناك فنانين كادوا أن يموتوا على أبواب المستشفيات بسبب عدم امتلاكهم كلفة الاستشفاء. هكذا، تأتي هذه الانتخابات بعد الحراك الشعبي الذي شهده لبنان في خريف 2019 وانخرط فيه بعض الممثّلين المرشّحين على لائحة «لـ نقابة عصرية». في هذا السياق، تتضمّن لائحة «لـ نقابة عصرية» كلّاً من الممثلين: أنجو ريحان، بديع بو شقرا، بولين حداد، رانية مروّة، سليم علاء الدين، ضياء منصور، وطلال الجردي، عبدو شاهين، فيصل الاسطواني، كريستيل خضر، كيل يوسف، ومحمد عقيل.

النقيب الحالي الممثل نعمة بدوي

رفعت اللائحة شعار «ضخّ دماء جديدة في قلب النقابة»، واضعةً في 13 بنداً مجموعة مطالب ستقوم بتنفيذها في حال فازت في الانتخابات. من بين هذه المطالب: الضغط بالوسائل كافة من أجل إقرار قانون إنشاء نقابة للممثّلين خارج إطار وصاية الجهات الرسمية، وتنظيم عمل ممثّلي وممثلات المسرح والسينما والتلفزيون وعلاقتهم بالنقابة وشركات الإنتاج من خلال حصر عقود الممثّلين والممثلات بالنقابة، والمحافظة على حقوق الممثّلين والدفاع عنهم، إلى جانب دخول جميع الممثلين في الضمان الاجتماعي وتأمين عقود مع شركات التأمين لاستيفاء المبالغ المتبقية على الفاتورة الصحية غير المغطاة من الضمان وعدم تحميلها للممثلين في حال تعرّضهم لأي عارض صحي. أضف إلى ذلك مطالب أخرى تتعلّق بتنظيم عمل الفنّانين ومستقبلهم المهني.
في هذا الإطار، يرفع عبدو شاهين الصوت عالياً، مطالباً بتأمين ضمان شيخوخة للممثلين، معلناً ترشّحه في «لـ نقابة عصرية». يقول نجم مسلسل «الهيبة» في حديثه معنا، «إنّ الممثلين جميعهم موحّدون حول مطالب محدّدة وواضحة. إنّ الجو ديموقراطي، ونحن جميعاً نعمل في اللائحتَين لتحسين وضع الممثلين». ويُضيف: «في «لـ نقابة عصرية» لدينا برنامج كامل وواضح لخوض الانتخابات. وضع الممثلين اللبنانيّين حزين للأسف. بعضهم يعتاش على المساعدات الطبية والمالية، وهذا الأمر غير منصف بحقّ فنانين قدّموا الكثير لبلدهم. كذلك، لا يجب أن ننسى انعدام فرص العمل للخرّيجين الجدد، ناهيك عن غياب قانون ينظّم المهنة وقانون الجباية، ووجوب تفعيل صندوق التعاضد وغيرها من الطلبات». يسعى شاهين لتغيير الوضع القائم، طالباً من جميع المنتسبين إلى النقابة المشاركة في الانتخابات بشكل ديموقراطي وحرّ وكثيف.
على الضفة نفسها، يكرّر الممثّل محمد عقيل طلب زميله شاهين، ويلفت إلى أنّه متفائل بالتغيير، قائلاً «لقد مللنا النقابات الكلاسيكيّة والقديمة التي لم تحقّق أيّ نقلة نوعية صوب العمل النقابي الجادّ والفعّال. هناك الكثير من الخطوات التي ينبغي للنقابة القيام بها، من بينها مواكبة التطوّر الحاصل في عالم التكنولوجيا وتسجيل أسماء الفنانين على منصة إلكترونية واضحة وسريعة. في لائحة «لـ نقابة عصرية»، نحاول إعادة حقّ الممثلين المهدور، ليعيش الممثل بأمان. نسعى إلى نقابة تُساوي في طموحاتنا، وسنسلّمها لاحقاً للأجيال التي ستتعاقب في السنوات المقبلة، فتكون فعّالة ومدعومة».
بهذه الشعارات، يخوض مرشحو «لـ نقابة عصرية» معركة تتّسم بالهدوء والأجواء الرياضيّة. لكن ماذا عن اللائحة المقابلة؟ في هذا السياق، أعلن النقيب نعمة بدوي ترشّحه للانتخابات لاستكمال مسيرته التي بدأها في النقابة قبل أربعة أعوام. شكّل بدوي لائحة يرأسها بنفسه في مواجهة «لـ نقابة عصرية»، وتضمّ كلّاً من: غسان صليبا، هيام أبو شديد، جيسكار لحود، سعد حمدان، أسامة شعبان، آن ماري سلامة، كميل متّى، محمود ماجد، وجمال حمدان وكلوفيس عطالله.
بعض الفنانين يعيش على المساعدات الطبية والمالية


في حديثه معنا، ينطلق بدوي من كلام زملائه على لائحة «لـ نقابة عصرية»، مؤكّداً على أنّ مطالب النقابة تضم لائحة طويلة تطال مختلف الأصعدة الحياتية والعملية والصحية. يقول: «شكّلت اللائحة قبل ساعات قليلة فقط. وهي ستكون تكملة لمشروعي الذي بدأته قبل أربع سنوات. تضم بنود الترشيح عشرات الطلبات، من بينها تنظيم عمل النقابة، وفتح صندوق التعاضد. لكنّ اللافت أنّ النقابة تستعدّ حالياً لفتح مستوصف طبي في خدمة الممثلين، سيتوافر فيه خمسة أطباء من مختلف الاختصاصات، يقدّمون المشورة والأدوية اللازمة للممثّلين بأسعار رمزية أو مجاناً». ويكشف بدوي أنه تمّ التصديق أخيراً على فتح ما يُشبه «بيت المسنّ للفنان»، أو «بيت الراحة»، مضيفاً أنّه «تمّ التوصل إلى استثمار مبنى في إحدى المناطق الجبلية، وفتح ما يشبه بيتاً للراحة للممثلين. يتضمن المبنى وسائل راحة واسترخاء وهو متاح للجميع. هو ليس دار عجزة كما يعرف، لكنه أشبه بمكان يلجأ إليه الممثلون لتصفية ذهنهم بعيداً عن ضغط العمل». يعدّد بدوي طلبات اللائحة، قبل أن يعود ليدعو «إلى ضرورة التضامن بين جميع النقابات الفنية وشركات الإنتاج، لأن الممثل والمنتج في حلقة واحدة» على حد تعبيره.
رغم أنّ الممثل فادي أبي سمرا ليس مرشحاً للانتخابات، لكنه يؤكد لنا أن الممثلين «بحاجة إلى دم وروح جديدين». انطلاقاً من ذلك، يعلن دعمه لائحة «لـ نقابة عصرية»، قائلاً: «برنامج اللائحة مختلف عن غيرها، لأنه ينظّم العلاقة بين الممثلين والمنتجين. بما أننا في بلد يعاني الأمرّين، لا بدّ من نقابة تؤمّن ضمان الشيخوخة للممثلين، إضافة إلى طلبات أخرى لحماية الممثلين».
إذاً، الأحد المقبل ستكون نقابة «ممثلي السينما والمسرح والإذاعة والتلفزيون» أمام امتحان صعب، فيما تتقاطع اللائحتان حول وضع الممثلين الصعب في بلد على شفير الهاوية.