استعادت «سينما الحمرا» في منطقة صور (جنوب لبنان) ملامحها التي غادرتها قبل 30 عاماً، وكادت تتلاشى مع الوقت. أضيئت لمبات صفراء في الأعلى وعلى الجوانب، ستظلّل وجوه الجمهور في «مهرجان صور المسرحي» الذي ينطلق اليوم. كُتب على الحائط الخارجي للمكان «سينما الحمرا»، وهو اسمها الأوّل الذي استردّه قاسم اسطنبولي لتسمية الصالة الكبيرة التي أقفلت قبل 30 عاماً. مع الاسم، استردّ أيضاً الجمهور والممثلين الذين سيفتتحونها اليوم من خلال «مهرجان صور المسرحي» الذي ينظّمه الممثل والمخرج اللبناني.
منذ الآن، أصبح لصور مهرجان مسرحي. خطوة تبشّر بانفلاش المهرجانات الفنية خارج حدود بيروت. على مدى خمسة أيام (حتى 12 حزيران/ يونيو)، تستضيف الدورة الأولى 13 عرضاً من البلدان العربية وأوروبا ولبنان. الموسيقى والشعر والندوات وورش العمل المسرحية حاضرة أيضاً. سيحتضن المكان لقاءات بين الممثلين، وتطوير الخبرات عبر ورش السينوغرافيا والكتابة المسرحية. يفتتح المهرجان بكرنفال كبير، سيجول المدينة الجنوبية قبل التعريج على المسرح. بعد افتتاح السينما، سيطلق المهرجان عرض «باخور عصري» (هارون الكيلاني _ الجزائر)، فيما سيشهد الحدث في الأيام المقبلة مسرحيات: «التفاف» للمخرج التونسي وليد الدغسني، «حنين الليل» (فرقة المسرح العربي _ ليبيا)، «حيث وضعت علامة الصليب» (نور عفيفي _ مصر)، «الانتظار» (بادي التميمي _ السعودية)، و«المروض» (محمد الشولي _ فلسطين)، و«لوجك» (ازهر وصي _ العراق)، وعرض لفرقة «وصل» (سوريا ولبنان)، و«زبندومان» (رعد سعيد _ كردستان العراق) وعرض للفرنسي إيف ماري لو تيكسييه. من لبنان، ستشارك ثلاث مسرحيات هي «أفئدة خاصة» لطلاب الجامعة اللبنانية: (جنى الحسن)، «فيتا» (ميشال حوراني) و«مشدس» (محمد الدايخ). يستغرب اسطنبولي عدم تجاوب الممثلين والمخرجين اللبنانيين مع المهرجان، وخصوصاً أمام المشاركات العربية التي أبدت حماسة غير مسبوقة. ستتبارى هذه العروض على جائزة، تختارها لجنة التحكيم المؤلّفة من المصريين سيد علي وصفاء البيلي، والعراقي أياد السلامي، والإسبانية آنا سندريرو، والمغربية بشرى عمور، واللبناني رضوان حمزة. وفيما تبتلع الثقافة الأحادية مدينة صور، دعا اسطنبولي الى أمسية شعرية للإسبانية آنا سندريرو، وأمسيتين موسيقيتين لعازف العود أشرف الشولي، وأخرى للفنان وسام حمادة. تردّد المشاركات اللبنانية، قابله تلكؤ من الجهات الثقافية في لبنان وصور، حتى من قبل بعض المسرحيين اللبنانيين، ممن يبحّون أصواتهم في الدعوة إلى ضرورة إنقاذ المسارح. لذلك لجأ اسطنبولي إلى تكريم وجوه مسرحية وأكاديمية لبنانية خلال المهرجان هم: فايق حميصي، زياد أبو عبسي، رئيف كرم، عبيدو باشا، خضر علاء الدين، عايدة صبرا، حسام الصباح وجميل بسما، فيما سيشهد ختام المهرجان تكريم المسرحي اللبناني روجيه عساف. انطلاقة أراد اسطنبولي أن يرافقه فيها رواد المسرح والناس، أي أهل المدينة الذين سيعتادون منذ الآن على العلاقة مع الخشبة. 30 سنة مرّت والسينما الكبيرة مقفلة، وفي حين لم يحيِها أحد من أبناء المدينة، ذهب اسطنبولي إلى هدفه مباشرة. المكان الذي رافق حقبة سياسية وفنية مهمّة في صور ولبنان بين أوائل الستينيات حتى الثمانينيات، كان منصّة فريدة للمدينة، وها هي تعود إليها اليوم.

* «مهرجان صور المسرحي»: الرابعة من بعد ظهر اليوم حتى الخميس 12 حزيران (يونيو) ـــ «سينما الحمرا» (صور _ الجنوب). للاستعلام: 70/903845