عام «الأزمات والتغيّرات الجذرية» بهذا العنوان يمكن اختصار 2021 على الساحة الإعلامية. عام جرّ معه ذيول الأزمة الاقتصادية والنقدية التي عصفت بلبنان، بعد «هبّة تشرين» (2019)، وأفرز تغيّراً واضحاً في معالم الميديا اللبنانية، يمكن وصفه بالانقلاب على ما كان سائداً خلال الأعوام الماضية. غاب الانقسام العمودي الذي عرفناه خلال اندلاع الأزمات، وما أرساه وقتها من توازن في المشهد الإعلامي، لمصلحة واقع إعلامي آخر، سيطرت عليه القنوات «المهيمنة» التي باتت في خندق واحد متّحدة ضد تيارين واضحين في البلد: «حزب الله» و«التيار الوطني الحر». هذه المشهدية تكاملت مع حركة دولية إقليمية، باتت تتحكّم بمفاصل الإعلام اللبناني وتوجّه بوصلته. أسهمت في تعزيز ذلك، تداعيات الانهيار الاقتصادي، وسعي هذا الإعلام لإيجاد سبل لدعمه مالياً، ولو على حساب المصلحة الوطنية، مع مرور البلاد في حوادث أمنية خطيرة، كادت أن تقترب من الفتنة الأهلية (حادثتا خلدة والطيونة). هنا لعب الإعلام المحلي دوراً محرّضاً وطامساً للحقائق، إلى جانب تسابق إعلاميين وفنانين لبنانيين نحو الاستحصال على الإقامة الذهبية في الإمارات، في وقت تسلّل فيه التطبيع الإعلامي إلى القنوات اللبنانية. هكذا، باتت «إسرائيل» وتحالفاتها في الخليج والعالم العربي، خبراً عادياً على الشاشات، لا بل تُعطى له مساحة معتبرة. أضحينا أمام إعلام منحاز لمصالح دول الخليج سيّما السعودية والإمارات، يمارس سياسة الانبطاح كلما واجه لبنان استحقاقات توجب وقفة وطنية (حادثتا جورج قرداحي وشربل وهبة). وإذ بنا أمام سمفونية تمجّد آل سعود، وتستخدم اللبنانيين، سيّما هؤلاء المنتشرين في الخليج كأدوات للضغط، والآخرين المقيمين على الأراضي اللبنانية، لتخييرهم بين الجوع من جهة، وبين الخضوع وسعوَدة لبنان من جهة أخرى
شكلت قضية جورج قرداحي أبرز قضايا العام


بهاء «تايكون» جديد
في بداية عام 2021، تسلّل رجل الأعمال اللبناني بهاء الحريري، بقوة إلى مفاصل بعض القنوات المحلية، واستغل لحظة انهيار يمر بها لبنان، خصوصاً القطاع الإعلامي. سرعان ما تمدّد الحريري، وعقد اتفاقات شراكة مع lbci، وmtv، تخصّ النقل المشترك مع منصته «بيروت انترناشونال»، وتأجير استديوات للتصوير في «استديو فيزيون» في منطقة النقاش. طرح طفرة واسعة من البرامج، التي استقطبت وجوهاً معروفة، أغلبها يعمل توازياً في قناة «المرّ»، أكان في البرامج أو في النشرات الإخبارية، وباتت المنصة التي يملكها الحريري، حاضرة على السوشال ميديا وكذلك على الشاشات. خطوة تزامنت مع انهيار إمبراطورية سعد الحريري الإعلامية، وإفلاسها بشكل رسمي، وانكفائه سياسياً بعد اعتذاره عن عدم تأليف الحكومة، وصولاً إلى عزوفه عن الدخول في معترك الانتخابات النيابية المقبلة. هذه الأجواء مهّدت لدخول الإعلام اللبناني في فلك الأُحادية السياسية، وفرضه أجندات واضحة المعالم، تسلّلت حتى إلى برامج الترفيه والكوميديا، قوامها التركيز الممنهج على المقاومة و«التيار العوني» والعمل على أبلستهما، وتحميلهما المصائب التي تمر بها البلاد. بعد ضجيج «17 تشرين» ورفع شعار «كلن يعني كلن»، دخلت على الخطّ لعبة الانتقائية والاستنسابية، بشكل مدروس، واستغلت الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة في البلاد، لتعلق شماعتها على الحزبين المذكورين. وتم العمل على استيراد لعبة الأبلسة خليجياً، وتنظيم حملة ممنهجة صوّبت تحديداً على «حزب الله»، من خلال تحميله مسؤولية الانهيار الحاصل، واتهامه بإنشاء «اقتصاد بديل» مواز لاقتصاد الدولة اللبنانية، في مقابل التعمية على المنظومة المصرفية، لا بل التطبيل لحاكمية مصرف لبنان، والتكسيد بأي حلول تطرح في البلاد، أو أي سبيل للحلحلة (استجلاب المحروقات الإيرانية مثلاً)، مع تكرار مشهديات طوابير الذل على محطات الوقود والأفران والصيدليات، وغيرها من القطاعات الحيوية التي ضربت بعمق في هذه الأزمة، وأثّرت بالتالي على حياة ومسار المواطن اللبناني، إضافة الى التعمية على قضية التدقيق الجنائي المالي والتقليل من أهمية هذه المعركة في المحاسبة وكشف المتورّطين. تُرجم هذا الأمر، من خلال ابتداع برامج جديدة على الشاشات، مرة على شاكلة «المجتمع المدني» كما حال برنامج «البديل» على «الجديد» الذي أداره مارك ضوّ، ومرة أخرى، على شاكلة تقارير إخبارية خاصة، عُرضت على lbci، تحت عنوان Simplified. ظاهرها يتحدث عن مكامن الفساد، وأسباب الانهيار الاقتصادي، وفي الحقيقة، تُغيّب أسماء الجهات المتورّطة، وتعتمد لغة فضفاضة وعامة، في اتهام الطبقة السياسية، مقابل، إقحام «حزب الله» في هذه اللعبة، واتهامه بالتسبب في الانهيار، عبر اعتماد لغة اختزالية، ومشوّهة للحقائق، ومتواطئة بالتالي مع باقي الأحزاب، وتحميله ما آلت إليه البلاد. لعلّ البارز في هذه اللعبة، دخول برامج الترفيه والكوميديا إلى هذا المعترك، من خلال تمرير رسائل سياسية، تصوّب على «العهد»، والمقاومة، وتؤبلسهما، وصولاً إلى «بيئة» هذه المقاومة، التي لم تكن في منأى عن هذه المعركة، حيث دخلت لعبة التنميط السلبي، وتشويه صورتها واستضعافها.
لعلّ «الجديد» كانت القناة الأكثر «تغيّراً» هذه المرة، بل يمكن وصف ما قامت به بـ «الانقلاب» الذي بدأ في كانون الأول (ديسمبر) 2020. انقلاب تجلّى في خطها السياسي الذي قام في الأصل على مقارعة الحريرية السياسية، وإذ بها، تساند سعد الحريري، في ذكرى اغتيال والده، وتخصص بعدها أي في تموز (يوليو) الماضي، حلقة خاصة بعنوان «من دون تكليف» لإبراز موقف الحريري من عملية تكليفه في تشكيل الحكومة.
كذلك، راحت القناة تستضيف فؤاد السنيورة، الذي لطالما اتهمته بالفساد وسرقة المال العام، وها هي تغدقه بأوصاف تبجيلية. مشهدية لم نعهدها من قبل، على هذه الشاشة، التي تجنّدت لمحاربة رئاسة الجمهورية، وفريقه السياسي، بكل ما أوتيت من قوة، وبشتى الأساليب التي وصل بعضها إلى استخدام أدبيات مسفّهة، ومشخصنة دارت في فلك ميشال عون بالتحديد. أضف إلى ذلك دخول المحطة في دعم «القوات» اللبنانية، واستخدام هذه الورقة، في لعبة الأزمة الحكومية، وتصوير هذا الحزب على أنّه «المنقذ»، واستضافة رئيسه سمير جعجع لأكثر من ساعتين من الزمن، وباقي نواب «القوات» الذين سجّلوا ظهوراً متكرراً على «الجديد».

هيمنة أميركية وخليجية
التخبّط الذي عاشه الإعلام اللبناني، بلغ أوْجَهُ في الصيف الماضي، عندما باتت إذاعات وقنوات محلية أمام خطر التوقف عن العمل، بسبب شحّ المحروقات والتقنين القاسي الذي طاول شبكة الكهرباء، وحتى المولّدات، إلى جانب أعطال شبكات الإنترنت، وانسحاب الأزمات المالية إلى السوق الإعلامي والبحث عن «الفريش دولار» واستقالة العديد من الإعلاميين من محطّاتهم، على رأسهم «الجديد»، إذ كانت للأخيرة الحصة الأوفر في مغادرة مراسليها القناة صوب منصات افتراضية أو خليجية. يضاف إلى ذلك استقالة جورج ياسمين من otv، على خلفية انتقاده لولي العهد السعودي محمد بن سلمان في إحدى حلقات برنامج «حوار اليوم». مع ذلك، يمكن القول بأنّ «الإقامة الذهبية» في الإمارات كانت «عنوان المرحلة» مع زحف إعلامي وفني إلى هذا الهدف.

خيّم الاستعراض البصري في ذكرى تفجير المرفأ على الشاشات (نبيل اسماعيل)

ولأجل ذلك، كان على هؤلاء الإعلاميين والفنانين تقديم فروض الطاعة والترويج للإمارات، وحتى الدخول في معارك سياسية انحازوا فيها إلى الإمارات. اقترن ذلك بمقاطعة الشاشات نقل خطابات الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. ترافقت هذه المشهدية، مع دخول أميركي من العيار الثقيل، شكّلت واجهته السفيرة الأميركية دورثي شيا، التي تغلغلت بقوة في الإعلام اللبناني، أكان عبر بوابة الشرائط الترويجية الرامية إلى إظهار مدى «حرص» الولايات المتحدة على اللبنانيين (شكّلت lbci ساحتها)، أو من خلال المقابلات المتكررة، لعلّ أبرزها، حضورها على «الجديد» في حزيران (يونيو) الماضي، داخل الاستديو، ومحاولة المحطة إثارة الضجة حولها. كانت المحصلة، مزيداً من تكريس تدخّل السفراء في الشؤون الداخلية، وفرض ذلك المشهد على الإعلام اللبناني والتعاطي معه على أنه جزء «طبيعي» من عمل الإعلام. وازى هذا التعاطي، توغل قناة lbci، بشكل فاضح في الترويج للسفارة الأميركية وما يدور في فلكها. لعلّ أوضح مثال على ذلك حلقة «عشرين 30» التي استضافت «قائد المنطقة الوسطى»، في الجيش الأميركي كينيث ماكينزي في نيسان (أبريل) الماضي، وحاول محاوره ألبير كوستانيان، إقحامه في السجال الداخلي اللبناني، ودفعه إلى اتهام «حزب الله» باغتيال لقمان سليم، ومسؤوليته عن إفقار الشعب اللبناني. لكن في النهاية، تلقّى كوستانيان من ضيفه توبيخاً علنياً، لإصراره على إدخاله في هذه المستنقعات. تزامنت هذه الأجواء، مع تخصيص صفحات ومنصات ترويجية للإمارات كما حصل مع «الجديد» (AL Jadeed UAE)، وصولاً إلى منع الأخيرة فريق «شو الوضع؟» الكوميدي من عرض استكتش يتناول التمييز الحاصل في مطار بيروت بين الأندية الإيرانية والإماراتية، ما أطاح في النهاية بالبرنامج نفسه على الشاشة، التي أرادت أن يخلو الاسكتش من انتقاد الإمارات! وعلى ذكر الإمارات، سجّل طوني خليفة، قفزة مختلفة نحو أبو ظبي، إذ أعلن في تشرين الثاني (نوفمبر)، عن إنشاء قناة جديدة، ستبصر النور العام المقبل، تاركاً بالتالي بيروت التي ظهر فيها على شاشتين أخيراً: lbci، و«الجديد» وعلى«منصة بيروت انترناشيونال» التي شكل أوّل الوافدين إليها مع تدشينها.

تطبيع
الهيمنة الأميركية والخليجية، على مفاصل الإعلام اللبناني، وتحكّمها بالساحة المحلية، تزامنا مع حركة التطبيع الإعلامي مع كيان الاحتلال. بعد إبرام الأخير اتفاقيات مع دول الخليج، بدأت سريعاً تتسرب معالم التطبيع إلى المنصات اللبنانية. لم تجد الأخيرة أي حرج في تخصيص مساحات وازنة للاحتلال، ونقل ما تنشره الوكالات الإخبارية بشكل ببغائي. ولعلّ المحطة البارزة هنا، تبادل افتتاح السفارات بين أبو ظبي وكيان الاحتلال. حادثة احتفى بها الإعلام اللبناني، وراح ينقل تصريحات السفيرين الإماراتي والإسرائيلي، والإشادة بالمردود التجاري الذي سيأتي به التطبيع. وبرزت أجندة منصة صحيفة «الجمهورية» الإلكترونية، التي دشّنت في تموز (يوليو) قناةً إخبارية على السوشال ميديا، حملت معها، ترويجاً مباشراً للعدو الإسرائيلي، وراحت تكرر تهديداته حيال المقاومة ولبنان، من دون إجراء أي مسافة نقدية ومهنية... لنصل إلى ظهور ماريا معلوف، في الشهر الماضي، على قناة إسرائيلية، وتبجّحها في ما بعد بهذه الإطلالة التطبيعية، بل تشجيعها على الظهور في الإعلام العبري. تزامناً، سجّل مارسيل غانم، بشكل فاضح هذه المرة، في برنامجه «صار الوقت» موقفاً من التطبيع، معتبراً أنّ المجاهرة به «حرية رأي»، وكسر للتابوهات، وسط غياب تام لأي استدعاء قضائي بشأن الترويج للتطبيع على شاشة لبنانية.

قضية جورج قرداحي
تُعدّ حادثة وزير الإعلام السابق جورج قرداحي، من أبرز القضايا التي طبعت هذا العام. إذ انطوت على مشهدية إعلامية أظهرت خضوعها مرة جديدة للخليج، وتناست بالتالي حرية التعبير التي حوكم من خلالها الرجل، وافتعلت لأجلها معركة ضارية ممنهجة خليجياً أدت في نهاية المطاف إلى إرساء تسوية قضت باستقالة قرداحي أوائل الشهر الحالي. بعد تسريب حلقة من برنامج «برلمان شعب» على «الجزيرة أونلاين»، قبل تولي قرداحي حقيبة الإعلام، وتصريحه بأن حرب السعودية على اليمن كانت «عبثية»، انطلقت حملة شعواء على قرداحي، بلغت حدّ القطيعة الدبلوماسية والتجارية الخليجية مع لبنان، وتهديد لقمة اللبنانيين المقيمين في الخليج. وقتها، تصرّف بعض الإعلام، بخنوع وقدّم فروض الطاعة للمملكة، كما حصل مع حادثة وزير الخارجية السابق شربل وهبة، الذي دُفع إلى الاستقالة وقتها، على خلفية انتقاده للسعودية على قناة «الحرة». طبعاً، سُجِّل تغييب تام للإشكالية المتعلقة بحرية الرأي والتعبير، التي قام بها قرداحي. في المقابل، اشتغلت ماكينة إعلامية ليلَ نهارَ، وراحت تكرر تهديدات دول الخليج بشأن لبنان، والمقيمين على أراضيها، وبث التهويل، وتحميل قرداحي وحده مسؤولية التدهور الحاصل في العلاقات اللبنانية الخليجية. تزامنت الحملات الممنهجة المسعورة على قرداحي، مع قرصنة لـ«الوكالة الوطنية للإعلام»، دامت أياماً، وتصدّرت وقتها صور لأمراء آل سعود صفحاتها، إلى جانب نشر تهديدات لوزير الإعلام السابق.

بايام بوروماند ــ إيران


استثمار ذكرى تفجير المرفأ
لطالما شكّل تفجير المرفأ في الرابع من آب (أغسطس) 2020، الأرضية الخصبة للاستثمار السياسي، منذ لحظات وقوعه وصولاً إلى اليوم. بعد مرور سنة كاملة على الجريمة، التي أزهقت العديد من الأرواح والجرحى والأضرار المادية الجسيمة، أعدّ الإعلام المحلي العدّة في هذه الذكرى، وراح يستثمر في دماء الشهداء، ويستغل عوائلهم، لتمرير رسائله السياسية. عشية الذكرى، جنّدت وسائل الإعلام اللبنانية نفسها، وراحت ترقص فوق دماء الشهداء، عبر استخدام تقنية الاستنطاق، مع إعلائها منسوب الشحن والعاطفة. واستجلبت mtv لهذه الغاية بعض عوائل الشهداء، الذين قاموا بتقديم النشرة الإخبارية، باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، ودعوا إلى «احتلال» الوزارات والقصور و«الأوكار»، ضمن سياق إدخالهم في لعبة الإعلام المسيّس، وتصفية الحسابات مع خصوم المحطة السياسيين.
باتت إذاعات وقنوات محلية أمام خطر التوقف عن العمل بسبب الظروف الصعبة

وفي يوم الاحتفاء بالذكرى، «فلشت» الشاشات كاميراتها في مكان التفجير، وحوّلت المكان الذي ضمّ عشرات الشهداء، إلى ما يشبه الاستديو، واتكأت على لغة الاستعراض البصري، أكان من خلال حركة الكاميرا على أَهراءات القمح والركام ومحيط المرفأ، أو من خلال إبراز أزياء المحاورين/ات. تغطية لم تسلم من تسلّق بعض الأحزاب لهذه الذكرى سيّما «القوات» و«الكتائب»، ومواكبة الإعلام طبعاً، لخطابات وأنشطة هذين الحزبين، في انفصام تام عما قررته بعض الشاشات من مقاطعة نقل حركة الأحزاب بشكل عام بعيد تفجير المرفأ!

أسوأ أيام ميشال المر
في منتصف شهر حزيران (يونيو) الماضي، دخل الحكم القضائي الصادر عن «محكمة استئناف جبل لبنان»، وغير القابل للتمييز أو للطعن بحق رئيس مجلس إدارة mtv، ميشال المرّ، وشركة «استديو فيزيون»، شهره الأخير قبيل التنفيذ. قضى الحكم بإلزام المرّ دفع مليارين ونصف مليار ليرة لبنانية، تحت عقوبة السجن سنة كاملة، في حال التخلّف، على خلفية ملف التخابر غير الشرعي وهدر المال العام. وقتها، أثير النقاش حول أهلية المر لاستكمال إدارته للمحطة، إذ إنّ قانون التجارة اللبناني ينصّ على إخراج لأي عضو في مؤسسة إعلامية في حال إفلاسه أو إن كان محكوماً عليه قضائياً. لكن في النهاية، وتحديداً في 16 تموز (يوليو)، سدّد المرّ المبلغ المذكور لوزارة الاتصالات، بعد تقديمه مراجعة أمام «الهيئة العامة لمحكمة التمييز» التي يرأسها القاضي سهيل عبود، وطلب وقف تنفيذ القرار الصادر عن القاضية سهير الحركة، كسباً لمزيد من الوقت.

توفيق طرابلسي ربّان «تلفزيون لبنان»
وأخيراً، بعد مرور أكثر من أربع سنوات، على غياب ربان لسفينة «تلفزيون لبنان»، عُيّن توفيق طرابلسي، في منتصف آب (أغسطس) مديراً عاماً لـ«تلفزيون لبنان»، بأمر من قضاء العجلة. بذلك، فإنّ طرابلسي خلف طلال المقدسي، الذي عُزل عام 2017، بأمر من قضاء العجلة أيضاً، وبناءً على طلب وزير الإعلام السابق آنذاك ملحم رياشي، لينهي مهمته بعد تسلمه الإدارة لمدة ثلاث سنوات، وصلت فيها المؤسسة الرسمية إلى مرحلة الانهيار. إذ كانت قد شهدت تراكم الخلافات الحادة بين الإدارة العامة ومديرية الأخبار، وانقسام الموظفين عمودياً وتراجع أداء هذه القناة الرسمية، التي طاولتها الظروف القاسية.

قرع طبول الانتخابات النيابية
مع أن موعد الانتخابات النيابية المقبلة، لم يكن محسوماً بعد، إلا أنّ القنوات اللبنانية بدأت باكراً هذه المعركة، من بوابة المغتربين، ورفع سن الاقتراع إلى 18 عاماً. مع غياب التداول في البند الأخير أي رفع سن الاقتراع للشباب، بقيت الأنظار مصوّبة على المنتشرين، الذين شكّلت معركة تسجيلهم عبر وزارة الخارجية العنوان الأبرز خلال الشهرين الماضيين، إذ تجنّدت القنوات اللبنانية لمتابعة هذه العملية، بل إنّها أوفدت مراسليها إلى الأميركيتين، وإلى بعض الدول الأوروبية، واستعانت بناشطين مقيمين في الدول العربية، من أجل حث المغتربين على التسجيل، وتحقيق «التغيير»، و«محاسبة» المنظومة الحالية عبر صناديق الاقتراع.
توحّدت القنوات «المهيمنة» في خندق سياسي واحد

اللافت في هذا الاستحقاق النيابي، هذه المرة، هو ما توحّدت بعض القنوات على تسميته بـ «قوى التغيير». والمقصود بهؤلاء الحركات التي خرجت بعد «17 تشرين»، ورفعت لواء الإصلاح ومحاسبة الطبقة الحاكمة. هذه الحركات، وعلى تشعّباتها وتناقض برامجها وإيديولوجياتها، وُضعت في سلّة واحدة، من دون أن تجري القنوات اللبنانية تشريحاً لها، ولتحالفات بعضها حتى مع قوى السلطة. ظل التعتيم هنا، سيد الموقف، لمصلحة بروباغندا إعلامية تعمل على صناعة قوى تكنّيها بـ «التغييرية» بهدف مقارعة خصومها السياسيين. كما كان بارزاً استعانة الشاشات بخبراء الإحصاء هذه المرة، ضمن معركة إعلامية مفتوحة ضد «حزب الله» و«التيار العوني»، إذ نشرت أرقاماً وتوقعات، تؤدي إلى أجواء خسارة الفريق البرتقالي في مناطقه في مقابل التحشيد لما يسمى بـ «قوى التغيير»، وتوجيه السهام نحو المقاومة والادعاء بأن شعبية الحزب قد تراجعت خلال الأعوام المنصرمة!