أمس الخميس، صدر للباحث والأكاديمي المتخصّص في العدالة الجنائية وحقوق الإنسان الزميل عمر نشّابة (الصورة) كتاب «الإفلات من العقاب ــ المحكمة الخاصة»، عن «دار بيسان». وهو يتناول مسار التحقيق والمحاكمات الغيابية الدولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري وآخرين في 14 شباط (فبراير) 2005. يتضمّن العمل شرحاً لعيوب التحقيق الجنائي والمحاكمات الغيابية ومساوئ العدالة الانتقائية، مبيّناً كيف أنّ عمل لجنة التحقيق الدولية والمحكمة الخاصة بلبنان لم يخضع لأي رقابة، كما أنّهما لم تنشرا التقارير المالية التي تحدّد كيفية إنفاقهما نحو 800 مليون دولار أميركي بين عامَي 2005 و2021، سدّد لبنان نصفها. وفيه أيضاً، سلسلة مقالات وتقارير نُشر جزء منها في «الأخبار» فيما قُدِّم بعضها الآخر كمحاضرات ألقيت في «جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية».
يُظهر الكتاب كيف عجزت المحكمة عن إحقاق الحق، «ما أتاح استمرار الإفلات من العقاب». وفي سياق متصل، لم يتحقّق إصلاح القضاء في لبنان وما زالت المحاكم المحلية عاجزة عن إحقاق الحق، كما أنّ ثقة الناس بالقضية ما زالت ضعيفة، ما دفعهم مثلاً للعودة إلى المطالبة بتحقيق دولي بعد انفجار مرفأ بيروت في آب (أغسطس) 2020.
غير أنّ ما يُظهره هذا الكتاب من عيوب في التحقيق الدولي، من استنسابية وانتقائية، غير مشجّع لمعاودة تجربة التحقيق الدولي. وقد يكون من إيجابياته «عرض ما يفترض تجنّبه في أي تحقيق فعّال، وفي أي محاكمة عادلة»، بحسب النصّ التعريفي الذي كتبه المؤلِّف. ويرى الأخير أنّ العدالة لا تتحقّق من خلال استيراد آلية تحقيق ومحاكمة، بل إنّ الحلّ يبدأ «بإصلاح القضاء اللبناني بما يجعله مستقلاً ونزيهاً، يتمتّع بالكفاءة اللازمة ويتجنّب الانتقائية والاستنسابية ويركّز على الالتزام بالمعايير القانونية والمهنية والأخلاقية».
ويشدّد في الوقت نفسه على أنّ مسيرة الإصلاح هذه لن تنطلق إلّا «بكفّ القوى السياسية الداخلية والخارجية عن استغلال آليات العدالة لتحقيق مآرب سياسية».
علماً بأنّ نشّابة عمل مستشاراً مستقلّاً لمحامين دوليين كلّفتهم المحكمة الدولية الدفاع عن حقوق ومصالح أربعة من المتّهمين الخمسة، وهم: مصطفى بدر الدين (استشهد في 13 أيار/ مايو 2016)، حسين عنيسي، أسد صبرا وحسن مرعي.