هل يُعقل أن لا يحظى، في القرن الحادي والعشرين، الكتّاب والمثقّفون والشعراء والأدباء والمفكّرون في لبنان وأعضاء «اتحاد الكتّاب اللبنانيّين» بضمانٍ صحيّ يُعَدّ من حقوق الإنسان؟ ألا يُعَدّ حرمان الإنسان من حقّه الطبيعي في الطبابة والاستشفاء في عصرنا بمثابة «جريمة»؟ حول هذا الموضوع الملحّ، التقينا أمين عام «اتحاد الكتّاب اللبنانيين» الشاعر إلياس زغيب، وأمين صندوق الاتحاد الشاعر مكرم غصوب، وأمين شؤون الإعلام والعلاقات العامة في الاتحاد عدنان برجي. يناضلون معاً من أجل تحقيق هذا المطلب المُحقّ. علماً بأنّ قضايا الاتحاد كثيرة، وقد عُمد إلى إضعافه طويلاً، ويبذل المذكورون غاية وسعهم في محاولةٍ لإنعاشه.
أمين عام «إتحاد الكتّاب اللبنانيين» الشاعر إلياس زغيب

أفادنا أمين عام اتحاد الكتاب إلياس زغيب بأنهم لم يكتفوا بالمطالبة في موضوع الضمان الصحي للكتّاب فحسب، بل «ذهبنا باتجاه خطوات عملية ومكرم غصوب أعدّ مشروع قانونٍ، سلّمناه للضمان والتقينا المدير العام للضمان وكان متحمّساً لهذا الموضوع ووعدنا به». أطلعنا على أنّ المطلوب منهم إعداد دراسة: «أعددناها وقدّمناها وهي موجودة أمام الخبير «الإكْتْواري» في الضمان. نتابع هذا الموضوع بكل الوسائل لنرى إلى أين سنصل. نمنح هذا المشروع الأولوية ونعمل عليه وسنكمله وسنتابعه حتى النهاية، عندما يُرسَل من الضمان إلى مجلس الإدارة، ثم إلى وزارة العمل ومجلس الوزراء، لكي نلاحقه بكل تفاصيله. كذلك لدينا مشاريع أخرى تقدّمنا بها تجعل الاتحاد يحاول القيام بشيءٍ من واجباته تجاه الكاتب والمثقف اللبناني».
يوضح مكرم غصوب أنه «بناءً على مرسوم رقمه 8073 صدر في 12-3-1996 لإخضاع الأدباء والفنانين لأحكام قانون الضمان الاجتماعي (الضمان الصحي)، كنا في الهيئة الإدارية الجديدة وعمدنا ضمن مشروعنا إلى إنشاء «تطبيق» وجعل هذا المرسوم فاعلاً. اشتغلنا وأعددنا مشروعاً ومسودّة نظام لضمان الكتّاب. أخذنا بالاعتبار حالة الكاتب، وكان هدف النظام أن لا يخسر الضمان وأن يأخذ في الاعتبار في الوقت نفسه قدرة الكاتب على دفع الاشتراكات. هذا المرسوم يخضع له الكتّاب الذين ينتسبون للاتحاد. ذهبنا في وفدٍ والتقينا مدير عام الصندوق ووضعنا هذه المسوّدة بين يديه. سُجّلت في المديرية العامة تحت رقم 2952 في 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2020». انطلاقاً من هنا، بدأ المشوار والمدير العام للضمان الاجتماعي محمد كركي كان مرحّباً وكان الظرف مؤاتياً وقد أصدر بياناً في هذا الموضوع ضمن سياسة توسيع الفئات المشمولة في الضمان الصحي، كما يؤكّد غصوب. «الكتّاب لهم الأولوية على هذا الصعيد نظراً لرمزيتهم وقيمتهم الوطنيّتَين. هذا المشروع تلزمه دراسة إكْتْوارية للضمان لتحديد عدد المضمونين والكلفة (عائلات الكتّاب والناس الذين بإمكانهم الإفادة منهم، وأولئك الذين لا يخضعون للضمان نظراً لـ «عدم الازدواجية» بالنسبة للمضمونين في أعمالهم). ساعدْنا الخبير الإكْتْواري وأنجزنا «تطبيقاً»، واتصلنا بالكتّاب وأتممنا الدراسة الإكْتْوارية وسلّمناها للخبير. وبعد ذلك تُرسَل إلى المدير العام ثمّ إلى مجلس الإدارة، ثمّ إلى وزير العمل، ثم إلى مجلس الوزراء. للإسراع، نستكمل الخطوات. الخطوة الأولى كانت زيارتنا لوزير الثقافة وكان مرحّباً بالموضوع وداعماً».
هكذا يبدو إلياس زغيب ومكرم غصوب متفائلين هذه المرّة على هذا المستوى. من جهةٍ أخرى، حدّثنا الأمين العام عن ميزانية الاتحاد (17 مليون ليرة لبنانية في السنة!) الذي رفع الصرخة في أكثر من مناسبة، وشكّل ذلك جزءاً من حديثه مع وزير الثقافة. يأمل زغيب أن يكون هناك تحسينٌ لهذا الواقع.
أما عدنان برجي، فعقّب قائلاً إنّ معاناة الاتحاد مزمنة مع الطبقة الحاكمة. وأردف قائلاً: «للأسف، فإنّ أكبر لَكْمة في الإمكانيات المادية التي وُجّهت للاتحاد كانت من قِبَل أحد الوزراء الذي يعتبر نفسه مثقفاً عالمياً (غسان سلامة) فخفّض ميزانية الاتحاد من 120 مليون ليرة إلى 20 مليون ليرة منذ عشرين سنة»! وأضاف: «الاعتماد على الحكومات اللبنانية أن تنهض باتحاد الكتّاب «أنا ما شايفها!». خلال مسيرة الاتحاد كلّها، لم يحصل ذلك. دور الاتحاد لا ينحصر بمؤسسة الاتحاد». يرى برجي أنّ الاتحاد موجودٌ في كل كاتب وشاعر وأديب ومفكّر، وهؤلاء موجودون في كل الحياة اللبنانية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. «تظاهرَ في الشارع مئات الآلاف في الحراك الشعبي ولم تتحرّك السلطة. الدولة ليست ديموقراطية في لبنان ولا الحكومات حتى تستجيب لمطالب الشعب». لذلك يرى أنّ على كل كاتب أن يُناضل من خلال الحزب الموجود فيه أو الجمعية الموجود فيها أو من خلال موقعه ليُضفي ذلك فعاليةً أكبر... وتابع برجي حديثه: «مراهنتنا اليوم هي أن نعيد بناء لبنان لأنّ استمراره بالشكل الذي استمرّ فيه والذي كُنا عليه يعني أنّ ثمة موتاً (!) ولا يعود بذلك اتحاد الكتّاب موجوداً ولا يبقى الشعب! قيام لبنان جديد يستلزم تغيير الطبقة الحاكمة والنظام والتوجّه، والعودة إلى دولة الرعاية الاجتماعية. فعندئذٍ يصبح بناء المؤسسات الجديدة موضع أملٍ ومن ضمنها اتحاد الكتّاب. الشباب الذين سيواكبون المرحلة المقبلة ستكون لديهم الخميرة والقدرة على تقديم مشاريع والنهوض باتحاد الكتّاب نحو الأمام أكثر».