لا يصبح الموت معتاداً وإن كان قدراً، ولا يتوقّف عن كونه مفاجئاً وإن كان منتَظراً. وفي حالات محدَّدة، تصبح هذه الحقيقة أكثر سطوعاً، كحالة الشاعر والروائي الشيخ فضل مخدّر (1965 – 2021) الذي غادرَنا قبل أيام على أثر إصابته بمرض عضال لم يمهله طويلاً. عدم تصديق الخبر يكاد يكون ردَّة فعل جامعة بين محبّيه وعارفيه. صحيحٌ أنَّ كثيرين لم يعلموا بمرضه إلا عند وفاته، وهو ما قد يفسّر حالة الصدمة والذهول، إلا أنَّ الصحيح أيضاً أنَّ الأمر مرتبط بشخصيّة الشيخ: الرجل البشوش المنذور للكتابة، كان نقيضاً للموت وهو المزحوم بالحياة والمشتعل بالنشاط والمتفاني في عطائه. كرَّس سنوات عمره القصير للثقافة والأدب، فترك لقرّائه ما يؤنس وحشتهم في غيابه: «صلة تراب» (2004) و«طواف الروح» (2006) و«شقشقة قلم» (2008) و«اسكندرونة» (2012) و«نصوص مسكونة» (2015) و«الحاكم عند الفارابي» (2016) و«يا صاحبي» (2017) و«المنذور» (2019) و«لو يحكي» و«كهف العاشقين» (تحت الطبع).