غالباً ما تكون الكتابة الأدبية فعلاً هامشياً، أو مجاوراً للاشتغالات الكتابية الخاصة برجال الدين، حيث ينهمكون بأبحاثهم العقائدية والاجتماعية. فنراهم في الكتابة الأدبية التي عادة ما تنصرفُ إلى الشعر الذي تغلب عليه الصيغة البلاغية ميّالين إلى الحكمة والتوجيه، مع بعض الاستثناءات الحداثية، ومنها تجربة سماحة الشيخ العلامة فضل مخدِّر رحمه الله، التي كانت مختلفةً عن رجال الدين الأدباء. فهو مشغولٌ جداً بأسئلة الثقافة، ودور المثقّف في دفع عجلة الإنسانية إلى التقدم، رغم المحاولات الكثيرة لعرقلة هذا التقدم. أراد الراحل طيلة مسيرته الأدبية المضيئة أن يقاوم بالفعل الجمالي، وأن يؤصّل لفكر المقاومة من خلال الفن والإبداع ليجاورا الفعل الأصلي، كما في روايته البديعة «إسكندرونة» التي تعتبر وثيقةً جماليةً مهمةً أصبحت أنموذجاً لجماليات الفعل المقاوم، فضلاً عن اشتغالاته الأخرى التي توهّج بها في إقامة المحافل الأدبية والفكرية، والتي تركت أطيب الآثار لدى المشاركين. كما أن أخلاق الراحل واستيعابه للمختلف غيّر من قناعات كثيرين تأثروا بالإعلام الآخر وإن لم يصرّحوا بذلك بشكل مباشر. * شاعر عراقي