القاهرة | «اطردوا الممثل عمرو واكد من مصر». كان هذا هو عنوان آخر الحملات الناتجة من حالة الاستقطاب السياسي العنيف الذي يشهده الشارع المصري هذه الأيام، حتى بعد اكتساح المرشح الرئاسي عبد الفتاح السيسي للسباق الانتخابي. خبر غير صحيح جملة وتفصيلة، أدّى إلى انطلاق حملة ليست الأولى، لكنها الأعنف ضد عمرو واكد (1972). تغريدة مزيّفة حملت سبّاً من الممثل للجنسية المصرية بعد فوز السيسي على حمدين صباحي، تلقّفها موقع إخباري مغمور، لتعود مرة أخرى إلى «تايم لاين» تويتر باعتبارها خبراً موثقاً. ثم تنطلق حملة غاضبة على الممثل الذي اشتهر بمواقفه السياسية العنيفة في السنوات الثلاث الأخيرة، وتحديداً منذ مشاركته في تظاهرات جمعة الغضب يوم 28 كانون الثاني (يناير) 2011. الشائعة ضدّ واكد كانت تتكرّر كل مرة بالصيغة نفسها. تشير إلى أنّه فلسطيني الجنسية، وليس مصري الأصل، لكن هل الجنسية الفلسطينية لا تستحق الاحترام في شوارع الشقيقة الكبرى؟
لا يجيب الغاضبون أبداً عن السؤال، ولا يلتفتون إلى أنهم يرحّبون بأيّ تدخل لأي شقيق عربي في الشأن المصري ما دام صاحب الرأي مؤيداً لتوجهاتهم السياسية، أي ـ باختصار ـ مؤيّداً للسيسي! لكن ما علاقة الخلاف السياسي بعقوبة النفي؟ لا أحد لديه وقت للإجابة، فالكل يسير وراء الشائعة، ويصدّقها ويتعامل على أساسها، والأزمة الأكبر أنّه بعد سنوات، ستجد أنّ هناك من يصدقها رغم كل هذا النفي.

حملة إلكترونية
لطرده من مصر بسبب موقفه الداعم
لحمدين صباحي

هذه المرة، لم يصمت واكد. أجبر الصحافي الذي كتب الخبر الكاذب على الاعتذار، وأطلق سلسلة تصريحات يؤكّد فيها أنّه مصري، وأن جدّه الأكبر كان من قادة المقاومة في محافظة الشرقية ضد الاحتلال الانكليزي في العقد الثامن من القرن التاسع عشر. وكتب على تويتر: «نقول تاني، تكذيب رسمي. كل ما يقال عني بشأن جنسيتي وعلاقتي وشرفي بيها يتلخص في ذلك: أنا مصري فخور بمصريتي. ومن نشر غير ذلك كاذب ومضلل». وأضاف: «معلومة، أنا أديت خدمتي العسكرية في الجيش المصري ١٩٩٧». مع ذلك، اتخذ البعض من ملامحه الأوروبية وزواجه بامرأة فرنسية ذريعة كي لا يصدق الممثل الذي اشتهر بأداء دور الفدائي الفلسطيني في فيلم «أصحاب ولا بيزنس» للمخرج طارق العريان. وقدّم شخصية البلطجي ببراعة في فيلم «إبراهيم الأبيض». ينسى الجمهور المتعصّب المنطق، ويصدّق الكذبة. ورغم أنّ الخلاف لا يعدو أن يكون سياسياً، إلا أنّ سخونة الاستقطاب صهرت خلايا التفكير عند الكثير من المصريين، وخصوصاً في الأشهر الأخيرة!