يحاول المسلسل الإجابة عن هذه الأسئلة ضمن أجواء تتّسم بالغموض والتشويق. منذ اللحظات الأولى، يحرص القائمون على «البريئة» على بثّ جرعات كبيرة من الإثارة والكشف عن خيوط القصّة تباعاً، متّبعين أسلوباً بات شائعاً في أوساط صنّاع المسلسلات القصيرة في خضمّ التنافس المحموم بين منصات البث التدفّقي.
لكن مع الوقت، يدرك المشاهد أنّه أمام عمل مكرور: شخص يدان ظلماً ويقضي فترة من حياته في الحبس، قبل أن يخرج لينتقم ويثبت الحقيقة. يعجّ أرشيف الدراما التلفزيونية (العربية خصوصاً) بالأعمال التي تدور في هذا الفلك، ليس آخرها مسلسل «لا حكم عليه» (تأليف وسيناريو وحوار بلال شحادات ونادين جابر، إخراج فيليب أسمر وإنتاج «صبّاح إخوان») الذي عُرض عبر المنصة نفسها قبل فترة.
يقدّم العمل الدرامي طرحاً مكروراً أُنجز ربما على عجل
من الواضح أنّ المسلسل أُنجز على عجل. يظهر هذا جلياً في الثغرات التي تشوب السيناريو الركيك، سيّما في ظلّ تسارع الأحداث مع الاقتراب من النهاية بطريقة غير منطقية في كثير من الأحيان، بالإضافة إلى وجود أخطاء إخراجية غير مقبولة من عدسة رامي حنّا المحترفة (مثلاً استهداف «ليلى» بثلاث رصاصات مباشرة من مسافة صفر وبقاؤها على قيد الحياة على الرغم من مرور وقت طويل على إيجادها).
وسط كلّ الملاحظات التي يمكن تسجيلها على العمل، لا يمكن أن نغفل أداء كارمن بصيبص المتمكّن كالعادة... هذه الممثلة الشابة الهادئة التي حفرت اسمها بجهد في صفوف ممثلات الصف الأوّل معتمدةً فقط على مهارتها التمثيلية، وحاصدةً شهرةً عربية من بوّابة مصر («نكدب لو قلنا ما بنحبش»، «ليالي أوجيني»، «الزيبق»...) والدراما العربية المشتركة (مسلسل «عروس بيروت»).
في «البريئة»، تتخلّى بطلة مسلسل «الجامعة» عن كلّ مظاهر التبرّج. هكذا، تظهر من دون ماكياج وبشعر يكسوه الشيب في كل المشاهدة التي تحاكي الوقت الراهن، ما ينسجم تماماً مع متطلّبات الشخصية التي خذلها الجميع تقريباً في محنتها. فالشكل الذي اعتُمد لـ «ليلى» في الزمن الحاضر، يعبّر عن امرأة لا تأبه لشكلها إطلاقاً لأنّ هدفها الأوحد هو إثبات براءتها للناس ولابنتها. إيلي متري وساشا دحدوح يلعبان «علي» و«نادين» بإتقان أيضاً، في مقابل حضور باهت ليورغو شلهوب (مشهد السُّكر الذي يجمعه بزوج أخته مثلاً) وبديع أبو شقرا (يجسّد شخصية المحقّق «جاد» الشبيهة بتلك التي ظهر فيها في مسلسل «العميد») وغيرهما. حين بدأت المسلسلات ذات الحلقات القصيرة تغزو الدراما العربية، راهن كثيرون على أنّها ستُسهم في شفاء هذه الصناعة من آفات كثيرة، على رأسها التطويل. وبينما اتّضحت صوابية ذلك في مجموعة من الإنتاجات العربية الجديدة التي تُعرض على منصات البثّ التدفقي، شذّ «البريئة» عن القاعدة من دون أن يستفيد من المقوّمات الإنتاجية التي رصدتها له شركة «إيغل فيلمز». فهل هو ضيق الوقت أم الاستعجال لخوض المنافسة المستعرة على حساب سويّة العمل؟ أم أنّها قلّة الخبرة في هذا النوع من المسلسلات؟
«البريئة»
متوافر على «شاهد VIP»