يكره طارق (محمد أصفا) المساحات الضيقة والمعلّم الغبي، والطعام اللّزج وصبر الآخرين. هو يبلغ 11 عاماً ويعيش مع والدته غيداء (ربى بلال) في مخيمٍ للاجئين الفلسطينيّين في الأردن. نحن في عامٍ 1967 بعد حرب الأيام الستة، وطارق يريد العودة إلى فلسطين وإلى والده. عندما تخبره امرأةٌ مسنّة بأنّها في المخيّم منذ 20 عاماً، ينضج قرار الهروب والعودة عند هذا الفتى المتمرّد. وفي بحثه عن مخرج، يكتشف أملاً جديداً، حين يلتقي بمجموعةٍ من المقاتلين الفلسطينيين في مخيّمهم السّري. طارق والرجال يصبحون أصدقاء، والحياة في المخيّم تتغير كل يوم، في انتظار لمّ الشمل مع والده. طارق المصاب بالتّوحد، يبلغ ربع حجم ليث (صالح بكري) والفدائيّين الباقين الملتحين بشعرهم الطويل وأسلحتهم ومنديل منظمة التحرير الفلسطينية. يتدرّب طارق معهم على فنون القتال والدّفاع عن النفس والماركسية. ومساءً، يجلس معهم بجانب النار في المخيم، يستمعون إلى كات ستيڤنز وينخرطون في الرقصات الشعبية ويغنون لشجر التين والياسمين والرّمان. يصدح صوت ياسر عرفات على التلفزيون: «الفلسطينيون كانوا لاجئين، والآن هم مقاتلون». «لماذا لا يمكننا العودة إلى المنزل؟» يطرح طارق هذا السؤال البسيط والحاسم في حياته الجديدة لكنّه لا يستطيع العثور على جواب. هو مجرد طفل ومفردات الصراع العربي الإسرائيلي عصيّة عليه، والأمّ لا يطاوعها قلبها لإعطائه إجابةً لن تكون سوى يائسة. يظهر الفيلم الصراع من زاوية بسيطة، إلا أنّ سحره يكمن في إظهار الدراما والصراع الكبير من منظور بسيطٍ هو منظور طفل.
فيلم آن ماري جاسر يطرح الصراع الكبير من منظور طفل


تمكنت المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر من عكس اللطف والخفة الخارجية لشخصياتها على الرغم من العنف الداخلي الذي يعتمل داخلها.
يغوي الفيلم بحزنه، وكيفية إخبار موضوعٍ كبيرٍ بسهولةٍ من دون التقليل من شأنه. ابتعدت آن ماري جاسر كثيراً عن السياسة، لتقدّم قطعةً من التاريخ بطريقة لعب الأطفال.
في «لمّا شُفتك» (2012)، تعبّر آن ماري جاسر عن قدرة الصبي على منع الكبار من التصالح مع شيءٍ ما (حالتهم في المخيم وكلاجئين) عندما يكون هناك أمل في التغيير. طارق يرفض تحمّل طرده من وطنه وقضاء بقية حياته مع والدته في مخيّمٍ للاجئين. وجميع من يعرفه، سوف يتأثر به ويتغيّر شيء بداخله. قصة مليئة بالمغامرة والحب والفكاهة والأمل وإرادة الحرّية. «لمّا شفتك» قصة إنسانٍ لا يعرف حدوداً.

«لمّا شُفتك» متوافرٌ على موقع «قافلة بين سينمائيات» حتى التاسع من أيلول (سبتمبر) ـــ womencaravan.online/september