استناداً إلى هذه القصة، نتخيّل أننا أمام فيلم «انتقام» يشبه ما نشاهده دائماً، أو رحلة بحث عن حقيقة. ولكن المخرج الأميركي توم ماكارثي (سبوتلايت/ 2015) أراد الغوص أعمق من ذلك. الأب الأميركي في فيلم «مياه راكدة» Stillwater، يشبه التّصور الذّاتي للولايات المتّحدة المتمثّل في شعور التّفوق على الدول الأخرى، حيث الجميع أدنى منك وفقاً لصورتك الذاتية. وقبل أيّ شيء، يعكس الفيلم حساسيّة معقدة عن «أميركا العميقة»، عن أميركا ترامب، عن الصراعات الطبقية بين أميركا وفرنسا (متمثلة في علاقة بيل العامل البسيط، وڤيرجيني (كاميل كوتين) البرجوازية) وعلاقة الأب وابنته، واختلاف الثقافات بين فرنسا وأميركا.
مات دايمون أدّى أحد أكثر الأدوار تعقيداً في مسيرته
يعجب الفرنسيون بنظام بيل الغذائي، يندهشون بأنه يملك سلاحاً، يُسأل عمّا إذا كان قد صوّت لترامب. وهو في الوقت ذاته، ينغمس في عالم غريب تماماً بالنسبة إليه. يكشف عن العنصرية في فرنسا، عن ضواحي المهجّرين، وحتى كرة القدم الفرنسية. يظهر الفيلم المسافة الثقافية بين العالمين، على الرّغم من وجود الأسطورة الأميركية للعدالة المتمثلة في مقولة «افعلها بنفسك»، إلّا أن الفيلم يبتعد عن خطاب رجل أميركي يجلب العدالة لأوروبا. وعلى الرّغم من أن هذه التناقضات غيرُ مرئية للعين، ولكنّها حاضرة جداً في الشخصيات. ابتعد مكارثي عن التهجم المتعالي التي اتهمت به هوليوود مراراً وتكراراً تجاه «أميركا العميقة» والولايات والأشخاص الذين صوّتوا لترامب. وبدلاً من ذلك، أخرج رجلاً من هذه المناطق ووضعه في مكان مختلف كلياً ليظهر مستوى تعقيد ثقافة هؤلاء الناس بطريقة مثيرة للإعجاب. مات دايمون أدى أحد أكثر الأدوار تعقيداً في مسيرته كرجل مهذّب بسيط ولكنه ساذج لا يتصالح مع نقاط ضعفه. فيلم بمنعطفات مفاجئة، يروي قصصاً حسّاسة. وعلى الرغم من أنّ هناك لحظاتٍ تدعونا للتّفكير بأنّ شيئاً ما سينفجر ونعود إلى النّغمة التقليدية في هكذا نوع من الأفلام، إلا أنّ مكارثي عرف تماماً ما يريد أن يقوله. «مياه راكدة» فيلم حميم وناضج، لم نشاهد في هوليوود مثله منذ فترة طويلة. على الرغم من أن القصة أُعيد تكرارها كثيراً، ولكن مكارثي أخذها إلى مكانٍ لم نكن نتوقعه.
* Stillwater في الصالات