دمشق | ليس بعيداً عن الكنيسة «المريمية»، أحد أبرز معالم الطريق المستقيم في دمشق القديمة، تنعطف يميناً أو يساراً، سواء باتجاه الباب الشرقي لدمشق، أو سوق «مدحت باشا»، فتدخل بيتاً دمشقياً جميلاً حوّلته استثمارت التاريخ المعاصرة إلى فندق، ثم أصبح من أبرز مواقع تصوير الأعمال الشامية.
وقد اختاره أخيراً فريق مسلسل «طوق البنات» (الأخبار 26/11/2013)، منزلاً للكولونيل فرانس الذي تدور حوله أبرز مفاصل حكاية العمل في محاولة من صنّاعه لتقديم وجهة نظر جديدة، وربما مختلفة عمّا تطرحه أعمال مشابهة.
تدخل منزل الكولونيل فرانس لتجد فريق العمل في انهماك هادئ، يقوده المخرج محمد زهير رجب الذي يركّز عمله على الاعتناء بالتفاصيل، في ما يشبه ورشة عمل حقيقية. يبدو الممثل مهيار خضّور منشغلاً بالتركيز على حفظ حواره باللغة الفرنسية بمساعدة أستاذ خاص لأداء دور الكولونيل، بينما تستكمل ديمة قندلفت زينتها للتحضير للمشهد التالي الذي تؤدي فيه دور أخته كاميليا. وكذلك الأمر بالنسبة إلى ضحى الدبس التي تجسد شخصيّة مدبرّة المنزل «أم عماد»، وحسام تحسين بيك بدور السائق «خضر».
في استراحة بين مشهدين، يصف خضّور لـ«الأخبار» تجربته في «طوق البنات» بـ«الجديدة، والصعبة إلى حد ما، التي تصل إلى حدود المغامرة»، موضحاً أنّه «من المعهود في أعمال البيئة الشاميّة أن تؤدي دور العكيد، أو القبضاي، لكنّني لم أرغب في تكرار ما قدمتّه عبر شخصية «وضّاح» في مسلسل «زمن البرغوت». المخاطرة في دور فرانس تكمن في ضرورة أدائي لأجزاء طويلة من الحوار باللغة الفرنسية». وأضاف: «تطلّب منّي ذلك الاجتهاد على مدى شهرين تقريباً على هذه اللغة الجديدة عليّ تماماً، كي أفهم ما أقول في أسرع وقت ممكن، وليكون أدائي مقنعاً».
ويلفت خضّور إلى أنّ شخصية الكولونيل فرانس تنطوي على «رسالة سامية لكل العالم، حول التآلف بين الأديان، بعدما تضعه دمشق وسط دائرة من الأسئلة الوجودية، وتدفعه إلى خيارات صعبة». تلك الأسئلة والخيارات أطلقتها شرارة الحب في قلب الكولونيل الذي أوفدته فرنسا إلى الشام في ثلاثينيات القرن الماضي، لقمع ما اعتبرته «حركات تمرد». فرانس، الضابط المعروف بقسوته، يلقي القبض على «أبوطالب» (رشيد عسّاف) بعدما حاول اغتيال الكولونيل. لكن لقاءه بابنة غريمه «مريم» (تاج حيدر) يغير المعطيات، إنّه الحب إذاً. يقول مهيار خضّور: «بدأ فرانس يرى دمشق بأجمل وجوهها، أكان عبر مدبرّة منزله الشامية (أم عماد)، أم سائقه خضر، ثم أتت مريم التي التقى بها مصادفةً، وبدأ بالتودّد إليها». كل ذلك يُدخل الكولونيل الفرنسي في «منعطفات نفسية» وصراع كبير بين «أهدافه كمحقق من جهة، ومشاعره ووجهات نظره الجديدة من جهة أخرى»، على حد تعبير الممثّل السوري. وما يزيد وطأة هذا الصراع هو أخته كاميليا التي تأتي معه إلى دمشق بوصفها مستشرقة فرنسية، وتؤمن بـ«رسالة بلادها الساميّة في تحضير» شعوب المنطقة عبر هذا الاستعمار. في حديثها لـ«الأخبار»، تؤكد ديمة قندلفت التي تؤدي الدور: «أحاول الابتعاد عن الصورة النمطية لهذا النوع من الشخصيّات. أنا لا أقدّمها من وجهة نظر الدمشقيين في ذلك الوقت، لأنّ كاميليا تعتبر نفسها وطنية، وتؤدي الخدمة لبلادها، وشعوب المنطقة».
تشرح قندلقت وجهة نظرها حول الشخصية، معتبرةً أنّ هذا النوع من الشخصيات «لم يسبق تقديمه في الأعمال السورية. كاميليا ليست شخصية شريرة، ولم تأتِ لتأخذ مكان أحد، بل تمثّل من كانوا مقتنعين تماماً بفكرة الانتداب ورسالته الحضارية، في الارتقاء بشعوب المنطقة»، مشيرةً إلى أنّها «حين تخوض الصراع مع أخيها فرانس، تنسحب في النهاية حفاظاً على وطنيّتها، لأنّها لا ترغب باتخاذ موقف يضر بلدها».
ولا يخلو أداء قندلفت من «المطبّات» التي تخشى أن تقع فيها. توضح الممثلة السورية أنّ «الشخصيّة مطروحة في المسلسل كمستشرقة، ذات فكرة شاملة عن المجتمع الشامي، وتعرف التحدّث باللهجة الشامية، ولكن إلى أي حد يمكن أن تجيد فرنسية الحديث بلهجة أهل الشام؟ هذا ما أجتهد للاشتغال عليه، وأحاول ألا تكون لهجتها صافية، وربّما يكون الحل بالعمل على نبرة الصوت».
مسلسل «طوق البنات» (كتابة رجاء الشغري وأحمد حامد ـــ إنتاج «قبنض») سيعرض في رمضان 2014 ويضم في قائمة أبطاله أيضاً منى واصف، ونادين خوري، وزهير رمضان، وفايز قزق، وصافي أبو دان، وليلى جبر، وفاديا خطّاب، وعبد الرحمن أبو القاسم، ومحمد خير الجرّاح، وأندريه سكاف، وسوسن ميخائيل.




أحمد حامد زعلان

بعد أخذٍ ورد، أضيف اسم رجاء الشغري كشريكة لأحمد حامد في نص وسيناريو وحوار «طوق البنات»، بعدما توصّلت «قبنض» إلى اتفاقٍ مع الأولى التي تصرّ على ملكيّتها لفكرة المسلسل المسجلة باسمها في «لجنة حقوق حماية المؤلف» منذ أيّار (مايو) 2013. إلا أن حامد يبدو غير راضٍ عن الاتفاق الذي أُبرم مع الكاتبة من دون علمه، وأشار إلى عقد «صفقة بينها وبين المنتج محمد قبنض ». وأكد لـ«الأخبار» أنّ «لا علاقة للشغري بنص المسلسل المسجّل باسمي، وأملك حقوقه رسمياً منذ 2009»، موضحاً أنّ النص المسجل باسم الشغري في «لجنة حقوق حماية المؤلف» عبارة عن «حوالى 500 صفحة مكتوبة بخط اليد، ومختلف في التفسير والأسماء والشخصيات عن الذي كتبته».