لا شك في أن تجربة تانيا صالح من أفضل التجارب الجدّية التي مسّت الشباب منذ مطلع الألفية (أو بعد الحرب عموماً). رغم نتاج الفنانة اللبنانية المحدود نسبياً (ألبومان وتسجيل حيّ)، فإن محاولتها الفنية بدَت منذ الألبوم الأول مدروسة، مشغولة بشغف، مسؤولة وغير مدعومة لأسباب تتعلّق بالشروط العربية المعروفة لدعم الفنّ (مادياً وإعلامياً).
تلك الشروط التي ستؤدي بنا جميعاً إلى الهلاك.
منذ فترة، تقول تانيا إنّها في صدد التحضير لألبوم جديد. تكلّمت عنه في الإعلام بشكل مقتضب وبشّرت الجمهور بتحوّلٍ ملحوظ، على مستوى القالب الموسيقي، لصالح الجاز والموسيقى الكلاسيكية والبوسا- نوفا، على حساب ما عُرِفَت به سابقاً، أي الروك اللبناني (إذا أردنا أن نعمّم نمط معظم نتاجها على مجمله).

لكن، على درب جلجلة الإنتاج المستقلّ، وجدت تانيا صالح نفسها عاجزة عن أمور عدّة، من بينها تمويل العمل. قبل التمويل، هي عاجزة عن الاستغناء عن هذه التجربة الفنية عموماً، وعن الجنين المنتظر بشكل خاص. وهي عاجزة ــ إن قررت الاستمرار في التجربة ــ عن القبول بتراجع مستوى الانتاج بين ألبومَين متتاليَين، وهذا ألف الباء الحياة قبل الفنّ. عند هذه النقطة الحسّاسة، قرَّرت تانيا صالح طرح صوت. إنه سلوك أهل القرى الذي يأتي إثر وقوع كارثة أو في أحسن الأحوال عند استشعار خطر حدوثها، ويَفترِض سلفاً وجود أصحاب نخوة سيهبّون للنجدة. هكذا طلبت الفنانة المحبوبة «ممن يهمهم الأمر» مساعدتها مادياً، عبر ما يُعرَف بقاموس القرية الكونية الجديد بـFundraising، لإكمال العمل على ألبومها الجديد الذي يحمل عنوان «شوية صوَر».عملت صالح على «شويّة صوَر» لسنوات، وتعاونت فيه مع مجموعة من الفنانين النروجيين ومع «أوركسترا الوتريات التابعة للإذاعة النروجية» والموسيقيين اللبنانيين. وتصفه بالشكل التالي: «رحلة رومانسية تروي عن قرب قصّة امرأة لبنانية عربية تركب قطار هذا العالم المجنون. يشكّل الألبوم بحثاً موسيقيّاً عن الحب وسط الحقد والدم والانقسامات والصراعات التي لا تنتهي. ويطرح أسئلة عن فلسفة الحياة، وجنون الإنسانية، وعدم المساواة بين الجنسَين، ووهن وجودنا وهشاشته». في المناسبة، التحوّل الموسيقي الذي يميِّز هذا الألبوم، يمكن تلمّسه من هذه الكلمات، فهي أقرب إلى الموسيقى الكلاسيكية والجاز والبوسا - نوفا من الروك، بصرف النظر عن أي مفاضلة بين الأنماط.
للمساهمة:
http://www.zoomaal.com/taniasaleh