منذ إعلان عزم إبراهيم العريس على إصدار موسوعة «تراث الإنسان» (مركز الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة _ البحرين)، انصبّ الاهتمام فوراً على الجزء الأول المتعلّق بتراث الناقد نفسه، أي «تاريخ السينما في مئة فيلم». ذلك يعود إلى أنه ابن السينما قبل أن يكون ابن الصحافة، وقد عمل في مهن سينمائية عدة وشارك في كتابة سيناريوات لأفلام مختلفة قبل أن يتفرّغ لكتابة مقالات نقدية وبحثية عن السينما.يعرف العريس جيداً ما يريده من كتابه، أو ربما من موسوعته. الأمر واضح من خلال تقسيم الكتاب من الداخل وترتيبه، فهو لم يصُغ فصولاً مترابطة ومتكاملة على أساس السرد الأدبي أو الروائي، بل جعل كتابه أقرب إلى بحث أكاديمي مطعم بنكهة نقدية مخففة لا يمكن العريس التفلت منها. وكأنه يريد للكتاب أن يكون مرجعاً لكل الباحثين اللاحقين في السينما، أو ربما مدخلاً إلى تاريخ صناعة الفن السابع وتطوره من خلال أمثلة حية بعيداً عن التنظير.

هذا الأسلوب يمنح الكتاب سلاسة ملحوظة، تمكنه من الانتقال من حصرية اهتمام «السينيفيليين» (على غرار الكثير من مؤلفاته السينمائية السابقة)، إلى اهتمام العامة، وهذه نقطة إضافية تحسب له. لا يصنع العريس هنا كتاباً ليقرأ مرة ويبقى على الرفوف، بل يصنع مرجعاً يمكن الركون إليه مرة بعد مرة. رغم أن الكثير مما ورد في الكتاب لا ينشر للمرة الأولى، بل سبق أن رأيناه على صفحات جريدة «الحياة»، لكنه ارتأى إعادة وضعه في كتاب للإفادة منه ضمن سياقه البحثي الشامل.