منذ سنوات، يمرّ الإعلام اللبناني، عموماً، بأزمة مالية، ازدادت حدةً في السنتين الأخيرتين إثر الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعصف بالبلاد مع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار. حاولت كلّ محطة تقديم حلول مالية لموظفيها الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية. لكنّ ذلك لم ينتشل هؤلاء من تدهور وضعهم، مع تواصل ارتفاع الدولار بشكل غير معقول. وعليه، يبدو أنّ الفترة المقبلة ستشهد خطوات تصعيدية قد يُقدم عليها الموظفون في بعض القنوات اللبنانية. في هذا السياق، تتّجه الأنظار نحو «الجديد» التي تشهد فترة «حساسة» نوعاً ما. إذ يلفت مصدر لنا إلى أنه مع بداية الأزمة المالية، حاولت المحطة استدراك الوضع عبر توزيع مساعدات على موظفيها من أحد المجمّعات التجارية الكبرى في بيروت، قبل أن توقفها في وقت لاحق. ثم بدأت بتوزيع «بونات» بنزين مجاناً على الموظفين، لكنها تراجعت مع ظهور أزمة المحروقات. أخيراً، بدأت القناة بالبحث عن حلّ مالي قد يُرضي الموظفين. ويوضح المصدر أن صرخة الموظفين في قسم الأخبار (على اعتبار أن غالبية البرامج الفنية والترفيهية متوقّفة) قد ارتفعت أخيراً، وبدأوا بتصعيد لهجتهم مع وصول سعر صرف الدولار إلى 20 ألف ليرة لبنانية. قرّرت الإدارة رفع المعاشات إلى نحو 30%، قبل أن تتخذ الأسبوع الماضي قراراً جديداً يقضي بتحويل المعاشات بناءً على سعر 3000 ليرة. لكنّ هذه الخطوة لم تنتشل الموظفين من مأزقهم، فقرّروا توجيه عريضة إلى نائب رئيس مجلس إدارة «الجديد» كرمى خياط. تلك العريضة تتضمّن مطلباً أساسياً هو دفع جزء صغير من الرواتب بـ fresh money والباقي على سعر الصرف 3900 ليرة. ولفتت المعلومات إلى أن تلك العريضة لم تتلقَّها بعد خياط التي سافرت إلى الخارج لقضاء عطلتها. ويشير المصدر إلى أنه في حال لم تستجب خياط لذلك المطلب، عندها سيرفع الموظفون من حدّة تصعيدهم الذي قد يصل إلى الاعتصام، وفق ما يتردد في الأوساط الإعلامية. ويوضح المصدر أن الموظفين منقسمون حالياً بين رأي الإدارة التي وجدت أن المعاشات على حساب 3000 هي الحلّ في هذه الفترة، وبين الرأي الآخر الذي يقول بأنّ ««الجديد» تتلقّى دعماً بالدولار من الخارج» ويمكن تسهيل عمل موظفيها بتخصيص مبلغ بالدولار لهم. وتوضح المعلومات أن العريضة وقّعتها غالبية العاملين في قسم الأخبار في «الجديد»، وسيُبنى على الشيء مقتضاه. رغم أن موظفي mtv و lbci لم يهددوا إدارتيهما بالتصعيد، إلا أنّهم أيضاً يمرّون في فترة مادية صعبة، وسط غياب حلول مالية واضحة. في هذا السياق، كانت mtv تمرّ في أزمة مالية قبل عامين تقريباً، وعاش الموظفون فترة صعبة تمثّلت في خفض معاشاتهم إلى النصف تقريباً. يومها، وقّعوا على ورقة من رئيس مجلس إدارة mtv ميشال المرّ، قضت بمنحهم نصف راتب، وذهب النصف الثاني في مهبّ الريح. مع احتدام الأزمة الاقتصادية في الشتاء الماضي، قدّم المرّ خطة أخرى لموظّفيه تتمثل في الحصول على نصف الراتب بالعملة اللبنانية ونصفه الثاني عبر شيك يُحسب على سعر 3900 من المصرف. هذه الخطوة، لم تُبرّد أنين الموظفين الذين كانوا يشعرون دائماً بغبن الإدارة التي يرون أنها أكلت نصف معاشاتهم. عندها، قرر المرّ إنشاء محطة وقود للسيارات داخل موقف في استديو «فيزيون»، تقرر بموجبه تعبئة الوقود لجميع الموظفين مرة أسبوعياً مجاناً. هذه الخطة خفّفت قليلاً من أزمة الوقود، ولكنها أيضاً غضّت الطرف عن المشكلة المالية المستعصية التي يعانيها الموظفون. عاد المرّ قبل شهرين تقريباً، وقرّر دفع رواتب الموظفين كاملةً بالليرة اللبنانية. هذه الخطوة لم تنل رضى الموظفين أيضاً، لأنهم وجدوا أنفسهم «مظلومين»، فقرّر المرّ «إسكاتهم» عبر السماح لهم بالعمل في منصة «صوت بيروت إنترناسيونال» التابعة لبهاء الحريري الذي تعاقد مع المرّ على تصوير غالبية برامجه في «استديو فيزيون». على الضفة نفسها، حاولت إدارة mtv التخفيف من تداعيات ارتفاع سعر الدولار، عبر زيادة مالية (تصل إلى 20%) تفادياً لأيّ تحرك قد يقوم به الموظفون. كما في mtv، كذلك في lbci. فقد اتخذت الأخيرة بعض الخطوات للتخفيف من أعباء «الكارثة» الاقتصادية، من بينها دفع معاشات موظفيها المكسورة منذ أكثر من عام. وكانت المحطة قد قررت، منذ تظاهرات 17 تشرين الأول 2019، دفع نصف راتب للموظفين، لتعود وتبدأ أخيراً بدفع المعاشات المتراكمة سابقاً. ومع الانتهاء من دفع المتراكمات، ستقرّر إدارة lbci دفع زيادة على الراتب. إذاً، الأمور ليست على ما يرام في كواليس القنوات اللبنانية، لكنّ الأنظار اليوم تتجه إلى «الجديد» التي يهدّد موظفو قسم الأخبار فيها بتحرّك مدروس قد يؤدّي إلى اعتصام قسم الأخبار كاملاً.