في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، بثت mtv تقريراً عما سمته «المخدرات الرقمية» وخطرها على الشباب (الأخبار 6/11/2014 ـــ 3/11/2013). وقتها، انتشر الخبر بسرعة فائقة، وتحوّل هذا الموضوع غير المثبت تقنياً وعلمياً الى ممرّ لممارسة المزيد من الرقابة على شبكة الإنترنت. على الشاشة نفسها، عرض تقرير إخباري في النشرة المسائية، أول من أمس، تحت عنوان «الاتصال الفخ». في هذا التقرير (3:07)، تحدّثت معدّته رونا حلبي عن الاتصالات الزائفة التي بإمكان أي مستخدم للشبكة العنكبوتية استعمالها من دون أن تعرف هويته، من خلال الاتصال بأحد ما والتحكّم بالاسم الذي سيظهر على شاشة المتلقي، ما يؤدي إلى سلسلة من أعمال الاحتيال والاستدراج وانتحال الشخصية. صحيح أنّ هذه المشكلة تهدد أمن المستخدمين، لكن تقرير قناة المرّ وما تضمنه، جاء ضمن سياق التمهيد لتشريع رقابة وسطوة أخرى من قبل المسؤولين في هذا المجال بدعوى «حماية المستخدم». في هذا التقرير، ظهرت رئيسة «مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية والملكية الفكرية» سوزان الحاج لتكشف أنّ مديرية الاستثمار والصيانة في وزارة الاتصالات سحبت البساط من مكتبها بشأن التحكم بمسألة حظر هذه التطبيقات.
دعوة إلى قطع كل أنواع online calls المتوافرة على تطبيقات الهاتف
لكن اللافت والمثير للريبة هنا هو ما قالته الحاج عن اقتراح حلّ لمشكلة الاتصالات الزائفة عبر قطع كل أنواع online calls المتوافرة على باقي تطبيقات الهاتف من «فايبر» و«واتساب» وغيرهما، كما يحصل اليوم في دول الخليج.
إذاً، لحلّ مشكلة محدودة، يقترح «مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية...» إلغاء خدمات تتيح الاتصال المجاني عبر النت بدعوى الحماية! الخوف هنا من تحوّل هذه المسألة الى حجة لتعزيز الرقابة والسيطرة، كما حصل مع المخدرات الرقمية وقبله مع حظر عدد من المواقع الإلكترونية بذريعة أنها تروّج للبيدوفيليا، فيما تبين لاحقاً أنها تقع حصراً ضمن المواقع الإباحية.
صحيح أنّ القضية مهمة تتعلق بأمن المستخدمين وحمايتهم، وخصوصاً مع التطبيقات الهاتفية التي ــ بكبسة زر ــ تتيح وضع داتا المستخدم بين أيدي هذه الشركات بطريقة سهلة، لكن معالجة التقرير للموضوع خاطئة وفق ما يقول أحد خبراء الاتصالات، الذي رفض الكشف عن اسمه لـ«الأخبار». يشير الخبير إلى أنّ الأمر يحتاج الى سياسة عامة من قبل الدولة اللبنانية، ترمي إلى تأمين الحماية السيبرانية للمستخدمين. وتعليقاً على اقتراح الحاج بإلغاء كل الاتصالات الهاتفية عبر النت، أكد الخبير أنّ هذا ليس حلاً، مضيفاً باستهجان: «هذا كمن يعالج جرحاً فيبتر مكان الجرح بشكل تام». واقترح كحل لمشكلة الاتصالات الوهمية أن تنظّم حملة لتوعية المواطنين حول خطر هذا التطبيق لا أكثر.