في قرية «يحمر الشقيف» (جنوبي لبنان)، فتح النجم اللبناني رفيق علي أحمد عينيه على طبيعة ساحرة، تتداخل مع حوران من جهة وشمالي فلسطين من جهة أخرى. لذا، لم يعترف يوماً باتفاقية «سايكس بيكو»، بل «عندما كبرت، ألغيت عندي الحدود الجغرافية، وصرت أقيّم الشخص بناءً على إنسانيته وقيمته لا على أساس انتمائه. هذا بشكل عام، فما بالك عندما يتعلق الأمر بلبنان وسوريا؟» يشرح «الحكواتي» علاقته بدمشق مستطرداً، ليخبرنا عن تفاصيل وجوده الحالي هناك وبدء تصوير دوره في مسلسل «أحمر» (تأليف الزميل علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج جود سعيد). يتقاسم البطولة مع سلاف فواخرجي وعباس النوري وصفاء سلطان وآخرين. يقول: «اللبناني يعتبر أنه سافر إلى الأردن أو مصر أو أي مكان يذهب إليه بالطائرة، لكنه يكتفي بالقول «طالع على الشام» كأنه ذاهب إلى طرابلس! لذا فوجودي في الشام ليس ظاهرة تستحق الحديث عنها، وإن كانت عاصمة الياسمين تعيش حالة حرب منذ سنوات، فعلاقتي الوجدانية مع أهل الشام أعمق من الامتناع عن زيارتها في ظروف معينة». أما عن علاقته الوثيقة بالدراما السورية منذ سنوات، فيقول: «كما تعرفون أنا متلكّئ في التلفزيون، إلا عندما أتورط في مسلسل، أو يشدني نص بطريقة استثنائية. في حياتي كلها، لم أقدّم إلا بضعة مسلسلات أغلبها سورية، لأن الدراما اللبنانية للأسف بحاجة إلى وقت وجهد وإمكانيات إنتاجية، رغم توافر الطاقات البشرية، لكنها تحتاج قليلاً من التواضع والسخاء الإنتاجي». وعن تجربته في «أحمر»، يثني صاحب مسرحية «وحشة» على النص المكتوب بسلاسة وواقعية شديدة أمتعته وجذبته، خاصة لناحية البناء الدرامي ودراسة الشخصيات، والعناية المركزة بالحوارات العفوية الخالية من التصنّع، إضافة إلى هروب ذكي من «الكليشيه» الذي يلاحق هذا النوع من الأعمال والشخصيات. يجسّد رفيق علي أحمد شخصية العميد «حليم»، وهو رجل نبيل ونقي صاحب أخلاق ومبادئ يعدل عن قرار التقاعد بعد مقتل صديق عمره القاضي خالد عبدالله، ليبدأ التحقيق ويكتشف خبايا ووجوهاً لم يكن يعرفها عن صديقه. يفتح الماضي، فنكتشف أنّ حليم ارتكب أخطاءً وخطايا، ثم ينحو الحدث باتجاه البعد الإنساني والعاطفي في حياة الرجل، إضافةً إلى شغله العملي والجنائي. حليم واحد من ثلاثة أصدقاء هم خالد وحليم وعباس واقعين بين ماض ملتبس وحاضر حائر ومستقبل مجهول، وسط محيط مضطرب من مافيات الفساد والشخصيات المسحوقة. وهم يمثلون تحولات الشخصية السورية على مدى عقود. يلفت رفيق علي أحمد إلى أنّ شخصيته «من زمن كان للمثقف العربي طموحات وأحلام»، مضيفاً: «اقتحام النص للجانب الإنساني والعاطفي وإعطاء الشخصية هامشها الاجتماعي الواجب تسليط الضوء عليه كان مهماً للغاية». كذلك، يمتدح طريقة عمل المخرج جود سعيد، قائلاً «لا أتعامل مع مخرج تقليدي يلتزم بالنص المكتوب بحرفية شديدة، إنما هو يحمل مشروعه ويبني رؤيته الخاصة، بحيوية وطاقة وديناميكية لم نعد نجد لها مثيلاً إلا في ما ندر».
أخيراً يقول عن أهمية العمل داخل سوريا هذه الأيام : «حين ندخل إلى الأماكن التي نصور فيها، نجد أن الهدوء والسكينة هما السمتان الرئيستان. ولو علمنا بالظروف المحيطة، لما انتبهنا إلى أنّ البلد يعيش حرباً، بخاصة أن الحياة طبيعية بشكل كبير، ولا بد من أن نتمنى تعافي الشعوب مما تعانيه من مشروع تدميري ينفذ في منطقتنا. أعتقد أن كل واحد من موقعه يجب أن يحافظ على الحياة والاستمرار فيها في مواجهة هذه الهجمة الشرسة».