من أهداف «الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية» (لا فساد) وفق موقعها الالكتروني «ضبط الفساد بأشكاله المتعددة». لمحاربة هذا الفساد، أطلقت الجمعية مشروع «استقصاء الفساد ـ تحرّك» الممّول من USAID عبر تدريب نحو 200 شاب/ة من طلاب الاعلام ومن المجتمع المدني. المشروع عزّز وجوده في المناطق عبر توزيع نشطائه وتدريبهم على المادة الإخبارية وصناعة التحقيقات. وكان لا بد لهذه المواد والتحقيقات من أن تجد وسيلة للنشر. كانت البداية مع lebanon files.
باءت محاولات التعاون مع الموقع بالفشل، إذ قيل إنّه اشترط التدخل بمضمون المادة المنشورة في حال تعارضها مع مُعلني الموقع الإخباري. بعدها، توجّهت الأنظار إلى موقع «مختار» الذي يملكه رياض الأسعد، وأُبرم الاتفاق في شباط (فبراير) الماضي، وخصصت زاوية لهذا الغرض بعنوان «لا فساد» تحوي الأخبار والتحقيقات الاستقصائية. لكن علامات استفهام عدة أحاطت بالمشروع، خصوصاً لدى الاطلاع على تحقيق لعنفوان جميل العلي بعنوان «مدارس عارية في الشمال». نشر التحقيق في 15 نيسان (أبريل)، لكنه ذّيل بعبارة «إن الآراء الواردة في المقال تعبر عن وجهة نظر الكاتب/ الصحافي ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر «لا فساد» التي لا تتحمّل أي مسؤولية عن مضمونها». عبارة تحمل كثيراً من الأسئلة حول ما تفعله الجمعية: هل هو التنصل من متدربيها؟ ماذا عن حمايتهم في حال تعرّضهم للملاحقة القانونية؟ توجّهنا إلى المدير التنفيذي في الجمعية رونالد بركات حاملين أسئلتنا. استمهلنا بضع دقائق قبل أن يسألنا: ماذا نريد من الحديث عن هذه النقطة بالتحديد؟ وأضاف: «لا داعي للتبرير. هيدا شأن داخلي». لكن كيف يكون شأناً داخلياً والموضوع يمسّ الرأي العام؟ اتصلنا بالإعلامي داوود ابراهيم الذي تولى تدريب الصحافيين/ات وهو المشرف على مشروع «استقصاء الفساد ـ تحرّك». أكد ابراهيم لـ «الأخبار» أنّ «اختيار المواضيع يقع ضمن الخيار الشخصي»، وليس بالضرورة أن يعّبر عن رأي الجمعية، مضيفاً: «لكل كاتب وجهة نظر، ونحن لا نتدخل بطبيعة المواضيع». ولم يخف الربط بين هذه المنشورات و«شروط الممّول». وعن كيفية حماية هؤلاء الشباب من ملاحقة قانونية مستقبلاً، اعتبر أنه يمكن للشباب درء هذا الخطر من خلال اتقان استخدام أدوات العمل الاستقصائي التي يوفرها التدريب. وأضاف أنّ المجتمع المدني سيساند هؤلاء الناشطين في حال استدعائهم. لكن هل تكفي هذه «الأدوات» لحماية الصحافيين؟ والسؤال: كيف لجمعية ترفع لواء مكافحة الفساد وتصرف الأموال للتدريب والاستقصاء أن تتنصّل من مواد متدربّيها ووضعهم في مهب الرياح؟.