من غزّة التي يلّفها الحصار، ولُد صوت أنثويّ وصل مداه إلى العالم العربي. «حواء أون لاين» كسرت الحدود والحواجز، وفكّت الحصار المفروض على الشريحة النسائية نسبيّاً. في «يوم المرأة العالمي» (8 /3)، أضاءت هذه الإذاعة الإلكترونية فضاء الشبكة العنكبوتية. انقلبت «حواء أون لاين» على صورة المرأة النمطيّة في الإعلام العربي، وتحرّرت من البرامج المستهلكة والقوالب الجاهزة التي تحاصر المرأة الفلسطينية خصوصاً.
لا يتبع هذا الصوت الأنثوي أيّ أجندة سياسيّة أو وصاية حزبية، فهويته تتمحور فقط حول نون النسوة. كما أنه لا يتلقّى دعماً ماليّاً من أيّ جهة، معتمداً على جيوب كادره المحدود. لكن المفاجئ في هذه التجربة أن رائدها ليس من الجنس اللطيف، غير أن بقية العاملين في إطارها من العنصر الأنثوي. بهاء عابد، أراد خوض التجربة بعدما لمس الهوّة بين الإعلام والمرأة. هدف عابد إلى إحداث نقلة نوعية في طبيعة الطرح الذي يقدّمه الإعلام في ما يتعلّق بقضايا المرأة، وتحديداً الإشكاليّة منها وسط مجتمعات ذكورية تتّسع فيها بقعة المحظور والمحرّم في كل ما يخصّ المرأة.
إذاعة الكترونية
انطلقت من غزة وتركّز على قضايا المرأة

ترفض «حواء أون لاين» حصر طرحها بحيّز «العنف ضد المرأة» وجرائم الشرف، بل أرادت التذكير بنماذج نسوية ريادية على الأصعدة كافةً. لا تنحصر برامج الإذاعة بطابع واحد، بل تتنّوع بين الاجتماعية والثقافية والترفيهية. وتسلّط الإذاعة الضوء على طبيعة العلاقة التي تحكم الأنثى بعائلتها والصراعات التي قد تتولّد عنها عبر برنامج «فاميلي» الذي يُقدّم في قالب كوميدي. كما تمدّ النساء بآلية تنمية قدراتهن وتطوير حصيلتهن المعرفية والمهاراتية في برنامج «عيشها معنا». المثير في هذه التجربة الغزية أنّها في صدد استهداف شريحة عمرية مختلفة في كل دورة برامجية. تستهدف الفترة الحالية الفتيات بين 15-25 سنة. كذلك تسعى جاهدةً «إلى إذابة الحواجز بين فتيات العالم العربي»، عبر إطلاعهن عن كثب على طبيعة المشاكل والأزمات التي يمررن بها عبر برنامج «من المدرسة للجامعة» الذي استضاف فتيات من العراق ومصر والسعودية للحديث عن حساسية هاتين المرحلتين الدراسيتين، ومدى تفاعلهن مع بيئاتهن. ويستقطب برنامجا «فكرة» و«خواطر» طالبات كليات الإعلام، إذ خضعت أسماء نصار وآلاء أبو يونس للتدريب على مدار 8 أشهر متواصلة قبل الانضمام إلى كادر الإذاعة. وتحتضن «حواء أون لاين» 5 مذيعات، من بينهما اثنتان من السعودية اللتان تعتبران حلقة الوصل بين غزّة والعالم العربي. لكن ماذا عن مدى التفاعل والتجاوب العربي مع «حواء أون لاين»؟ تجيب آلاء أبو يونس في حديثها لـ «الأخبار»: «لاحظنا رواجاً وقبولاً لفكرة الإذاعة في الوسط العربي، وخصوصاً أن الفكرة نبعت من بقعة جغرافية تحظى بخصوصية معينة جرّاء وضعها السياسي والاقتصادي المزري، فضلاً عن أننا لم نختلط مع نساء الوطن العربي بفعل الحصار. فكّرنا باتجاه معاكس لما هو شائع دوماً، إذ مددنا أيدينا للنساء العربيات من قلب الحصار».