لطالما كان للمسرح دوره الاجتماعي والنفسي في تطوير مهارات شخصية من خلال ورشات عمل أو من خلال عروض تهدف الى نشر التوعية حول مشاكل اجتماعية أو الى مقاربة علاجية نفسية، بالإضافة الى دوره الثقافي. في الآونة الأخيرة، عملت فرق لبنانية عدة في هذا المجال مثل فرقة «أصدقاء الدمى» وجمعيات «كاثارسيس»، و«زقاق»، و«لبن»، و«خيال»، وغيرها.منذ عام 2005، تنخرط فرقة «أصدقاء الدمى» (تمارا كلداني، وفاديا التنير، وتاتيانا بوشاروفا) في العمل التربوي والاجتماعي الذي يحتاجه أطفال اليوم من شرائح اجتماعية مختلفة من بينهم أطفال الريف وأطفال اللاجئين السوريين. وفي مناسبة عيد الفرقة الثلاثين، كان لـ «الأخبار» حديث خاص مع أفراد هذه المجموعة من أجل إلقاء الضوء على بعض مشاريعها التي تؤكّد أهمية المسرح في التوعية الاجتماعية والنفسية، وانخراط الفنانين في العمل الاجتماعي ذي الطابع المسرحي.

تعمل الفرقة في إطار شعارها «التوعية من خلال التسلية» مع جمعيات تعنى بالشؤون الإنسانية والاجتماعية للأطفال، انطلاقاً من واقعهم المعيشي، وتساعدهم في التأقلم مع هذا الواقع من خلال أنشطة مسرحية مختلفة آخرها ثلاثة مشاريع تعمل عليها الفرقة الآن وهي: مشروع «المياه كنز ثمين...
فلنستخدمه جيداً» بالتعاون مع «الرؤية العالمية World Vision» وبتمويل من مؤسسة نيوزلندية بهدف نشر التوعية لأطفال اللاجئين السوريين في بقاع لبنان عن أهمية المياه وكيفية استخدامه والمحافظة عليه. وقد اختير هذا المشروع انطلاقاً من واقع أزمة المياه في خيم اللاجئين. بعد تقديم الفرقة عرضاً مسرحياً عن أهمية المياه ومصدرها، تقدم اسكتشاً مسرحياً يهدف الى نشر التوعية حول أهمية النظافة الشخصية وطرق التوصّل اليها في ظل شحّ الموارد المائية. ثمّ تنتهي العروض التي تقام في خيمة من خيم اللاجئين، بورشة عمل لتصنيع دمى مسطّحة حيث يبتدع كل طفل دميته الخاصة التي قد تكون مستوحاة من العروض التي شاهدها.
وتتوجّه الفرقة الى أطفال الريف بهدف نشر التوعية حول تعزيز دور المرأة هناك في مشروع تحت عنوان «حكايات من ضيعتنا» بالتعاون مع «المرصد الوطني للمرأة في الزراعة والريف ــ نوارة» ومع جمعية إيطالية CTM ONLUS. ينطلق هذا المشروع من كتاب يحتوي على قصص غير مكتملة تحمل نهايات مفتوحة كتبتها وطبعتها الفرقة ووزعتها وزارة التربية على صفوف بعض المدارس الرسمية لمن تترواح أعمارهم بين 12 و 14 سنة. على أن يقرأها التلاميذ ويوزعون الأدوار التمثيلية في ما بينهم قبل أن تشرف الفرقة على التمارين المسرحية. هذه القصص التي تبرز أهمية المرأة اجتماعياً واقتصادياً وتحمل نهايات مفتوحة على كل الاحتمالات، تفسح المجال أمام الطلاب لخلق نهايات متعددة وطرح نقاشات مفتوحة، وفهم جدي لواقع المرأة وتحدياتها وفعاليتها في المجتمع. كما أنّ التمثيل في وضعيات نابعة من الواقع، يدفع التلميذ الى معايشة هذا الواقع وطرح حلول للمشاكل التي قد تواجه المرأة، ما يطوّر لديه مهارات شخصية، خصوصاً أنّ التدريبات تقوم على أسس النقاش والتأليف والارتجال. يستكمل المشروع قوامه حين يكتب الأولاد قصصهم الخاصة عن موضوع المرأة مع رسومات مرافقة تنشر في كتاب سيوزّع على المدارس. ويتوّج المشروع في السنة المقبلة بإنتاج عرض مسرحي ينطلق من هذه القصص، إضافة إلى قصص الفرقة نفسها وسيُعرض في المناطق اللبنانية.
على الصعيد الثقافي، تعاونت الفرقة مع «المركز الثقافي الألماني» في مشروع يهدف الى تعزيز فكرة السلام في مواجهة الحرب من خلال قصة «مؤتمر الحيوانات» للكاتب الألماني إيريش كستنر. تتناول القصة فكرة رفض الحيوانات للحروب التي يقوم بها البشر، ما يؤدي الى إقامة مؤتمر للحيوانات يناقش استراتيجيات مختلفة لإيقاف الحروب وإنقاذ أطفال العالم من حروب البشر. في هذا المشروع، تقوم الفرقة بثلاث ورشات لأمناء مكتبات تزودهم فيها بتقنيات مسرحية مختلفة وأدوات يستخدمونها عند إقامة أنشطة مسرحية للأطفال مستوحاة من الكتاب. الهدف الأساسي من ذلك هو تحفيز الطفل على عملية الخلق والإبداع من خلال استخدام مواد بسيطة في تنفيذ الأفكار مسرحياً.
تكمل فرقة «أصدقاء الدمى» مسيرتها الطويلة وتعد جمهورها بمشاريع جديدة، بالإضافة الى العروض الدائمة التي تجول بها المناطق اللبنانية، وقد أصبحت ريبرتوراً في رصيدها. كذلك تحتفل الفرقة بعيد ميلادها الثلاثين يوم 25 أيار (مايو) على خشبة «مسرح مونو»، فتستقبل جميع من عمل معها ومن يرغب في معرفة المزيد حول أعمال الفرقة.



الاحتفال بالعيد الثلاثين لـ «أصدقاء الدمى»: 10:00 صباح 25 أيار (مايو) ــ «مسرح مونو» ـــ 71/301025
www.lesamisdesmarionnettes.com