القاهرة | إذا كان وقف «البرنامج» جاء ريثما يصبح عبد الفتاح السيسي رئيساً، فهل سيعود حين يفوز المشير بالمنصب؟ سؤال ردّده محبّو باسم يوسف منذ صباح السبت الماضي بعد إعلان قناة «mbc مصر» توقّف البرنامج حتى انتهاء الانتخابات الرئاسية. ووفق تصريح سابق للإعلامي المصري، كان يُفترض أن يتوقّف البرنامج بعد حلقة 18نيسان (أبريل) لإجازة لأسبوعين، على أن تكون أوّل حلقة بعد العودة في 9 أيار (مايو) المقبل، أيّ قبل 15 يوماً من انطلاق السباق الرئاسي الذي لا يضمّ إلا السيسي وحمدين صباحي.
لكن بياناً صدر عن «mbc مصر» قرّر بأن العودة ستكون في 30 أيار وهو اليوم المتوقع لإعلان اسم الرئيس المقبل رسمياً. أما الحجة التي ساقتها المحطة في بيانها لتبرير احتجاب يوسف فهي «حرصها على حسن سير الانتخابات، واحترامها لمسار العملية، وسعيها إلى عدم التأثير في توجّهات الناخبين المصريين والرأي العام». أيّ أن «البرنامج» وحده القادر على التأثير على توجّهات الناخبين، فليس متوقعاً أن تقوم أيّ قناة أخرى بالفعل نفسه وتوقف برنامجاً آخر للسبب نفسه. هكذا أصبح البرنامج الساخر مصدر أيّ عاصفة تهبّ على الشارع السياسي، في بلد قام شعبه قبل ثلاث سنوات فقط بثورة من أجل حرية التعبير. كل ما سبق هو المعلن، لكن ما يجري في الكواليس لا يمكن تجاهله بكل تأكيد، رغم أنّ لا أحد يتحدّث عنه بصراحة.
كعادته، رفض فريق «البرنامج» الردّ على أيّ أسئلة، واعتصم بالصمت كما فعل في أزمته الشهيرة مع شبكة قنوات cbc (الأخبار 18/11/2013). لكن مصادر متعدّدة تحدثت معها «الأخبار» داخل «mbc مصر» وخارجها أكّدت أنّ «قرار التوقّف اتخذ بالاتفاق بين المحطة والإعلامي، تأكيداً على استمرار التنسيق المشترك بين الطرفين منذ التعاقد بينهما». تنسيق دفع فريق «البرنامج» لتفهّم حجم الضغوط الذي تتعرّض لها المحطة السعودية حتى تتخلى عن يوسف. وبذلك، صدق توقّع البرنامج في موسمه الثالث الذي حمل شعار «وقوف متكرّر». لكن هذه المرة قد يكون وقوفاً دائماً، لأن العودة عبر قناة مصرية أو عربية سيكون أمراً مستحيلاً، ولن يقبل يوسف التنّفس عبر قناة أجنبية. كما أنّ الغاضبين من البرنامج في مصر ما زالوا يحتفظون بـ «كارت» آخر يتمثّل في الضغط على الشركة التي تؤجّر لباسم مسرح «راديو» في وسط القاهرة.
إلى أيّ مدى ستحتمل «mbc مصر» الضغوط عليها وتظل متمسّكة بـ «جون ستيوارت العرب»؟ سؤال لا يملك أحد إجابته، بعدما وصلت الضغوط إلى مستويات غير مسبوقة. وفق معلومات لـ «الأخبار»، فإنّ مالك الشبكة السعودية وليد آل ابراهيم يتدخّل بشكل شخصي للتعامل مع التهديدات المتكرّرة التي تصل إلى القناة من شخصيات وجهات نافذة بين القاهرة والرياض. ضغوط وصلت إلى حدّ استخدام الديوان الملكي السعودي للضغط على مالك المحطة. كالعادة، لا يوجد أيّ ضغط مباشر على باسم وفريقه، بالتالي لو غاب «البرنامج»، فلن توجّه أصابع الاتهام علناً للنظام المصري كما حدث عندما انقلب مالك شبكة cbc محمد الأمين على يوسف في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
برنامج تلفزيوني واحد، يعرض مرة كل أسبوع، ومدته لا تزيد عن ساعة، يشكّل أزمات متتالية لكل نظام حكم مصر بعد سقوط محمد حسني مبارك: المجلس العسكري ثم الإخوان المسلمون، وأخيراً النظام الانتقالي الحالي الذي يُفترض أنه سيسلّم الحكم قريباً لرئيس جديد منتخب تدلّ كل المؤشرات على أنّه سيكون السيسي. هل سيعود «البرنامج» فعلاً في 30 أيار، ثم يختبر يوسف مدى صبر الرئيس الجديد على انتقاداته؟ وقتها لن يتهم باسم بأنه يوجّه الإهانة للجيش الذي تركه السيسي حتى يترشح، لكن قائمة الاتهامات لا تفنى أبداً (تم تقديم 120 بلاغاً ضدّ «البرنامج» لأسباب مختلفة منذ انطلاقه على «mbc مصر»). تتضمن القائمة بالتأكيد تهمة أنّ هدف البرنامج هو إفشال الرئيس الجديد الذي لا ترضى عنه أميركا الداعمة لباسم (كما يدعي المناهضون له) رغم أنّها الاتهامات نفسها التي كانت تتكرّر كل جمعة في عهد مرسي وبالنصّ، ثم اتضح لاحقاً أنّه ألم يرفض حد عزل مرسي أكثر من الرئيس الاميركي باراك أوباما وإدارته. والسؤال: هل يعود باسم ثم يتوقف «البرنامج» للمرة الأخيرة في عهد السيسي؟ أم أنّه لا يعود حتى يبعد الرئيس الجديد عنه تهمة منع برنامج لأنّ صاحبه رفض دائماً وأبداً الالتزام بالخطوط الحمراء؟