في الوقت الذي كان فيه التصوّف والباطنية في ازدياد؛ اتخذت الأفلام التي تتكلم عن العرفانية، بعداً جديداً سوريالياً بقدر ما هو واقعي: كائنات فضائية تتمتع بذكاء تكنولوجي فائق ولكنها منعدمة الأخلاق... عوالم وكواكب أو الكون نفسه يصبح فاسداً، الطبقات الحاكمة تحافظ على السلطة من خلال الترهيب والجهل... «كوكب خيالي» (1973) للفرنسي رينيه لالو، يعدّ أكبر وأهم مثال عن أفلام العرفانية المذهلة، التي يجب تحليلها ببطء وتروٍّ بسبب جرأتها المعرفية.

يحكي الفيلم قصة «الأومز» وهي مخلوقات شبيهة بالبشر، تم الاحتفاظ بها كحيوانات أليفة من قبل جنس غريب من العمالقة الزرقاء تسمى «تراكز».
نتتبع قصة «تير» وهو من «الأومز» منذ الطفولة حتى البلوغ. نرى كيف تمكّن من الهرب من العبودية وبدأ بتنظيم ثورة. غير أن الصدام بين الجنسين سيكون مهدداً لكليهما. كلاهما سيسعى إلى إبادة الآخر من أجل البقاء، ولكن هذا لن يكون الحلّ. على الرغم من الغرابة والسوريالية اللتين نشعر بهما خلال المشاهدة؛ إلا أن «كوكب خيالي» له حبكة سهلة تسهل متابعتها من قراءات مختلفة، وتدعونا للتفكير في سلوك البشر تجاه ما حولهم والعواقب المحتملة التي يمكن أن تنجم عن ذلك. الفيلم انعكاس للأوضاع الحالية والدائمة على هذا الكوكب، وضرورة إيجاد توازن بين البشر والمخلوقات الأخرى، وإلا فسينتهي الجميع إلى الانقراض.
حبكة سهلة تسهل متابعتها من قراءات مختلفة


رغم أنّ القصة بسيطة نسبياً، والملابس والرسوم المتحركة والموسيقى أكثر باروكية، لا يعني هذا أن العمل بسيط من الناحية الفكرية، إذ أنّه يحتوي على حجج ذات قراءات مختلفة تعبّر عن أفكار أكثر تعقيداً مما تبدو للوهلة الأولى. لذلك، يتميز «كوكب خيالي» بالخصائص النموذجية للخيال العلمي الكلاسيكي، حيث يمكن حتى للقصص القصيرة البسيطة أن تؤدي إلى عدد لا يحصى من التفسيرات. رغم أن الفيلم موجود منذ عقود، وحصد جائزة التحكيم في «مهرجان كانّ»؛ إلا أنه غير نمطي. الرسوم المتحركة والموسيقى والنهج العام بعيدة عن العروض الواقعية لتقنيات أفلام الرسوم المتحركة الحديثة، ولكن هذا لا يجعله يتقدم في العمر، بل يمنحه سحراً «عتيقاً». من الطبيعي أن كثيرين سيهربون من الفيلم، لكنهم سيجدونه مليئاً بالمفاجآت التي لا ينبغي أن توقف الدهشة حتى لو كانت غير مفهومة.
La planète sauvage
على MUBI

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا