يُجمع المنتجون اللبنانيون على أنّ رمضان 2021 هو الأكثر قساوة عليهم في تاريخ الإنتاج الدرامي. إذ أنّ المصاعب لم تقتصر على أزمة فيروس كورونا وتعرقل تصوير المسلسلات مراراً. الكارثة اليوم تتمثّل في الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان والارتفاع الجنوني للدولار مقابل الليرة اللبنانية. هذه الخطوة، انعكست سلباً على القطاع الدرامي اللبناني الذي يُوزَّع معظمه داخلياً ولا يُصدّر إلى الخارج، بدءاً من شركات الإنتاج وصولاً إلى المحطات التلفزيونية التي بدأت التحضير لخريطتها الرمضانية. اليوم، تعيش هذه القنوات أزمة مالية مختلفة عن تلك التي تعانيها منذ سنوات وأدّت الى صرف نصف راتب للعاملين فيها. إنّها أزمة الدولار المستحدثة التي أجبرت بعض القائمين على القنوات على إعادة النظر في العقود الموقّعة مع شركات الإنتاج. تلك العقود كانت ستبقى سارية المفعول على سنوات، ولكنّ الأوضاع تبدّلت اليوم جراء انهيار العملة اللبنانية، وبدأت المطالبات بإعادة النظر فيها. كما باتت الموازنة المالية المخصّصة لشراء مسلسلات رمضانية، مكلفة جداً على المحطات، لأنها تُدفع بالدولار. مع العلم أن القنوات مكسورة على مستحقات لشركات الإنتاج، إثر عرضها مسلسلات على شاشاتها قبل سنوات بدون تسديد كامل المبلغ.وهنا يصبح السؤال مشروعاً: هل ارتفاع الدولار يهدّد الموسم الرمضاني على الشاشات المحلية؟ وهل الدراما اللبنانية تعيش في عنق الزجاجة؟ في هذا السياق، يشير رئيس مجلس إدارة «صبّاح إخوان» صادق الصباح لـ «الأخبار» إلى أن موضوع الليرة اللبنانية يؤثر كثيراً على شركات الإنتاج وعلى الشاشات أيضاً. فالأخيرة تعاني الأمرّين جراء الأزمة إثر اختفاء المردود الإعلاني لها، قائلاً إن «شركات الإنتاج ليست بعيدة عن الأزمة بل هي في عنقها، لكننا نحاول استكمال عملنا في بيروت ولن نستسلم. إن مسلسل «20 20» (كتابة نادين جابر وبلال شحادات وإخراج فيليب أسمر) هو الوحيد الذي سيُعرض على mtv، لأن باقي مشاريعنا مصرية». ويضيف أنه لو لم يكن لدى شركات الإنتاج اللبنانية بعض المصادر الخارجية لتسويق عملها على قنوات غير لبنانية، لما كان بإمكانها الاستمرار». ويكشف أن أساس التعاقدات مع القنوات اللبنانية هو بالدولار، وتلك التعاقدات لم تُجدد بل بقيت على حالها لعام 2021. ويشرح «الأزمة اليوم تتمثل في دفع القنوات شيكات مصرفية لشركات الإنتاج، ولا يمكننا أن نستفيد منها في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة وسعر صرف الدولار في المصارف المتدنّي جداً مقارنة بسعر السوق السوداء. تلك الشيكات فقدت قيمتها».
من جانبه، يرفع مروان حداد صاحب شركة «مروى غروب»، صوته عالياً في ظل هذه الأزمة الخانقة. ويلفت إلى أن الأزمة تنعكس سلباً على صناعة الدراما ككلّ، بدءاً من استئجار أماكن التصوير، وصولاً إلى الثياب والطعام. أما عن تأثير التعاقدات بالدولار أو الليرة، فيرفض حداد التحدث في العملة، لافتاً إلى أنه لم يبحث بعد في موضوع العملة مع القائمين على قناة «الجديد»، وكاشفاً أنه متعاقد معهم في رمضان 2021 لعرض «الباشا» (كتابة مروان قاووق وإخراج مكرم الريس) و«الحي الشعبي» (كتابة فيفيان أنطونيوس وإخراج جورج روكز) في حال استمر تصويرهما. في المقابل، يرى أنه على شركات الإنتاج البحث عن مصدر خارجي (أي قناة غير لبنانية) لبيع صناعتها، كي لا تقع في خسارة مالية كبيرة جرّاء الارتفاع الجنوني للدولار. ويوضح أن الدراما اللبنانية صناعة محلية مهمة، وإذا لم يستقر سعر الدولار مقابل الليرة، فنحن أمام زوال تلك المهنة واختفائها عن الخريطة. ويصف الوضع الدرامي بأنه «سلسلة مترابطة وأيّ خلل فيها قد يؤدي إلى زوالها».
على الضفة نفسها، يعتبر حداد أن العامل الإيجابي الوحيد للأزمة، «أنه لم يعد أمام الشاشات فرصة شراء الدراما التركية المدبلجة إلى العربية، لأن كلفة تلك الصناعة تُدفع كاش وبالدولار». كما أن شركات الإنتاج تفتش عن قنوات عربية وخليجية لتسويق أعمالها، لأن الجميع يريد مصدراً للدولار. ويختتم قوله بأن «الأزمة الاقتصادية الحقيقية ربما لم تظهر بعد، وتبعاتها ستتّضح في المستقبل القريب». لا يختلف رأي صبّاح وحداد عن زميلهما إيلي معلوف. يقول الأخير لنا إنه متعاقد مع Lbci على عرض مسلسل «رصيف الغربا» (كتابة طوني شمعون وإخراج إيلي معلوف)، وقناة «الجديد» لبثّ «موجة غضب» (كتابة زينة عبد الرازق وإنتاج وإخراج إيلي معلوف). ويلفت إلى أن تعاقده مع القناتين هو بناءً على عقدين قديمين، شارحاً «إن الشاشات تتعامل معنا عبر الشيكات المصرفية التي فقدت قيمتها، بينما نحن نتعامل بالليرة اللبنانية لدفع مصاريف التصوير. هذا الأمر يشكل أزمة حقيقية في حال لم يتم تثبيت سعر صرف الدولار عند حدّ معين. نحن نعمل اليوم ولا نعرف متى نتوقف. الكل في حالة ضياع». من جانبها، ترفض المنتجة السورية ديالا الأحمر صاحبة شركة «غولدن لاين»، التحدّث بتفاصيل الاتفاقات بين القنوات اللبنانية، مكتفية بالقول: «إن المفاوضات مع المحطات جدّية. لكن بالنسبة إلى تسعيرة الدفع، فإن هذا الأمر لا يُعلن مهما كانت الظروف». كذلك الحال بالنسبة إلى شركة «إيغل فيلمز» التي يديرها جمال سنان التي ترفض الحديث عن أزمة الدولار والتسويق. مع العلم أنها تنافس في شهر رمضان 2021 بمسلسل لبناني واحد هو «للموت» (نادين جابر وإخراج فيليب أسمر) ويجمع دانييلا رحمة وماغي بو غصن والسوريين محمد الأحمد وخالد القيش.
على الضفة الأخرى، لم تحسم القنوات اللبنانية بعد قرار مشاركتها في شهر رمضان 2021. وفي حال قرّرت خوض السباق، سيكون حفظاً لـ «ماء الوجه». فأزمة الدولار مشكلة إضافية للشاشات التي تفضل عدم دفع تكاليف باهظة لشهر الصوم، وسط تغييرات تشهدها الخريطة الدرامية منذ عامين وأدّت إلى غياب المنافسة القوية بين المحطات، وسط تركيز المشاهد على متابعة المنصات المعروفة على رأسها «شاهد» و«نتفليكس». تتحدث بعض المعلومات لـ «الأخبار» أن قناتَي «الجديد» و mtv تتفاوضان مع شركتَي I see media و «غولدن لاين» لعرض مسلسل «350 غرام» لعابد فهد وكارين رزق الله وسلوم حداد، ومسلسل «نسونجي بالحلال» لزياد برجي ونادين الراسي وهشام حداد... ولم تتوصل الشركتان بعد إلى اتفاق مع القناتين ريثما يتم البحث في كيفية دفع مستحقات العملين. في المقابل، لم تحدد lbci بعد خريطتها الدرامية، إذ تفضل استكمال عرض مسلسلاتها التي تعرضها حالياً، على شراء أعمال جديدة مكلفة، وستستمر في عرض العملين التركيين «إبنة السفير» و «عشق ودموع»، إلى جانب «رصيف الغربا». ترى المصادر أن ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية قد يهدد خريطة رمضان 2021 على شاشة بيار الضاهر ويؤدي إلى حضورها بشكل باهت. أما mtv فاكتفت بالإعلان بأنها ستنافس بمسلسل «20 20» وتكمل تعاونها مع صادق الصباح، بينما لم تعلن بعد عن باقي أعمالها التي ستحضر في شهر الصوم، مع استكمال الدراما التركية على شاشتها.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا