الجزائر | في موقف مناقض للفنانين الذين شاركوا في أغنية «تعاهدت مع الجزائر» (الأخبار 2/4/2014) المساندة لترشّح الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لولاية رابعة، فضّل فنانون آخرون عزل أنفسهم والنأي عن لغط الانتخابات الرئاسية التي تقام غداً.
المفارقة أنّ وزارة الثقافة لملمت فنانيها أخيراً عبر إصدار «قانون الفنان» (يقدّم ضمانات اجتماعية للفنان) في التوقيت المناسب بهدف شحذ الأصوات الموالية لبوتفليقة، وتلبية أي طلب يوجَّه لها من طرف المسؤولين عن حملة الرئيس الانتخابية. وفي مقابل هذا، ارتفعت أصوات أخرى رافضة بقوة للولاية الرابعة، على غرار لطفي دوبل كانون الذي قدم أغنية «كلاوها» (نَهَبَ). مغني الراب الشهير عرض في عمله الجديد حصيلة 15 سنة من حكم بوتفليقة ومن سرقة خيرات البلد. وجاء في الأغنية: «كلاوها قدّاه من سنة ما خلاوها، البلاد خلاوها خيراتها كل خداوها، شراو des palaces وما قدروش حتى يبنيو سبيطار كي الفالديدراس». وهو يعكف حالياً على ألبومه الجديد «كتاستروف 2» (كارثة) الذي لا يخلو أيضاً من النقد الاجتماعي والسياسي.
بدوره، قدّم جميل غولي مغنّي القناوى في فرقة «جمعاوي أفريكا» مقطعاً من أغنية جديدة بعنوان «بزاف Chita» تعبّر عما يحصل اليوم في الجزائر، وخصوصاً مع شراء ذمم بعض الفنانين. وجاء في مطلعها: «في بلادي بزاف الشيتا، حتى الفنان يتباع، هو لي يديرلهم الزيتا». مقابل حرب الأغنيات هذه، يصرّ الكثير من الفنانين الذين اتصلت بهم «الأخبار» على عدم الخوض في الحديث عن انتخابات محسومة مسبقاً لصالح بوتفليقة. ويعتبر المتتبعون أنّ تجنب هؤلاء إعلان موقفهم، ذكاء شخصي منهم، وخصوصاً بعد الضجة التي أحدثتها أغنية «تعاهدت مع الجزائر». إذ تعرّضت للحظر على يوتيوب بعدما سجّلت ما يزيد على 10 آلاف «غير معجب»، بينما لم يتجاوز عدد «المعجبين» الألف. وترافق ذلك مع تراجع الكثير من المشاركين فيها عن موقفهم، والتعبير عن ندمهم على غرار الممثل محمد بونوغاز. حتى إنّ الأخير أعلن أنّه سيتبرع بالشيك الذي حصل عليه لصالح بعض الجمعيات الخيرية.  وأجمع المنتقدون فى تعليقاتهم على أنّه ينبغي للفنان أن يكون حيادياً في آرائه السياسية حتى لا يحسب على أي جبهة، كما حصل مع «ملك الراي» الشاب خالد (مناصر لبوتفليقة) الذي نال نصيب الأسد من الهجوم والتخوين، بينما وصف آخرون هؤلاء الفنانين بالباحثين عن مصلحتهم الخاصة.
في هذا السياق، يقول الفنان والملحن قويدر بوزيان لـ«الأخبار» إنّ الفنان هو إنسان ويحقّ له أن يعبّر عن رأيه ويقدّمه في رسالته الفنية، رغم أنّه سلاح ذو حدين، إذ قد يؤثر على الآلاف إذا كان اسماً معروفاً ويمكن أن يغيّر موقف الآلاف. وكشف بوزيان أنّه استدعي ليكون قائد الأوركسترا في «تعاهدت مع الجزائر»، لكنه رفض ذلك بعد اطلاعه على الموضوع وكلمات الأغنية. يقول لنا: «رفضت لأن ذلك يتعارض مع مبادئي، لا يمكنني أن أفرض أفكاري واختياراتي وميولي على الناس. هنا سقطت الديموقراطية وسقطت حرية التعبير وحرية التفكير، وهذا عيب. قررت الانسحاب بصمت». لكنه استطرد: «مع ذلك، لكل شخص رأيه وظروفه. حالة الفنان اليوم كارثة، وبعض الإغراءات المادية قد توقع كثيرين منهم. مع ذلك، يجب أن نحترم بعضنا البعض».